ماذا سيحدث لو إختفى البشر من الأرض
برنامج ممتع قامت بإعداده ناشيونال جيوجرفيك
يمكنك متابعة بقية الأجزاء على اليوتيوب بالضغط على مربع المقطع في المدونة
يتخيل هذا البرنامج ما سوف يحدث على كوكب الأرض لو إختفى البشر من على سطحه فجأة وكلياً ،
وفي رأيي الشخصي أن حضارة البشر هي حضارة تدميرية وتلويثية لكوكب الأرض ، وأننا لو أطلقنا مصطلح الذكاء البيئي ، على غرار مصطلح الذكاء الإجتماعي ، فإن الذكاء البشري بمقاييس هذا الجانب يكاد يبلغ الصفر أو يقاربه ، فقد دأب البشر على تلويث هذا الكوكب الأخضر الجميل الذي يبدو من الفضاء باللون الأزرق الزاهي ، في جهد منظم ومستمر بتحويل موارد وثروات هذا الكوكب البسيطة التركيب والعديمة السمية تقريباً ، إلى مواد مركبة ذات سمية عالية ، بعضها لن يختفي ضرره عن كوكب الأرض إلا بعد مئات وربما آلاف الملايين من السنين ، أما المدن والطرق التي بناها ويبنيها على مر الزمان وطوال تاريخه على الأرض فهي جيدة ومفيدة بمقاييسه الأنانية ونظرته القاصرة ، ولكنها في حقيقة الأمر تلويثاً خرسانياً وحديدياً وإسفلتياً وكيماوياً ونووياً ، يبدو بالمقاييس البيئية ضاراً ، وبالمقاييس الجمالية قبيحاً ، مثل البثور على سطح هذا الكوكب المتناغم الجميل ، والإنسان ينحى في ذلك عكس منحى جميع الحيوانات التي عاشت وماتت دون أن تحدث على سطح كوكب الأرض شيئاً ، ودون أن تغير في طبيعة مواده وتركيباتها ، ودون أن تعمل على تحويل موارد الأرض إلى ملايين الأطنان من النفايات النووية والكيميائية ، في تصرف يتسم بالأنانية والنظرة القصيرة ، ويستمر دون كلل أو ملل أو ذرة من ذكاء بيئي أو بعد نظر أو محافضاً على البيئة التي ستعيش فيها الأجيال القادمة أو آخذاً في الإعتبار حجم الضرر الذي لا يمكن التراجع عنه فيما يتعلق بهذه الأنشطة ، فالحضارة البشرية هي حضارة كبيرة بمقاييس مصالح البشر الأنانية على المدى القصير والمتوسط ، ولكنها حضارة ضارة وملوثة على المدى الطويل وبالنظرة الكونية الشمولية وبمقاييس مصلحة كوكب الأرض ومن يعيش عليه والشروط البيئية وصحة وسلامة الأجيال القادمة ، فبقية الحيوانات أذكى منا في هذا المجال وأكثر تناغماً مع كوكب الأرض ومع الشروط البيئية وعلى مستوى النظرة الشمولية الغريزية على المدى الطويل ، ففي الماء فإن جميع المخلوقات البحرية ومنها الدلافين مثلاً عاشت ملايين السنين في المحيطات والبحار دون أن تحدث فيه ذرة من التلوث ، بينما قام البشر بتلويثه نووياً وكيميائياً وعضوياً في خلال أقل من خمسين عاماً ، حيث إستخدم البحار مدافناً للنفايات النووية ، والشواطئ مصرفاً للنفايات البشرية ومياه المجاري ، والأنهار مصباً لنفايات المصانع الكيماوية ، أما على البر فإن جميع الحيوانات عاشت بتناغم تام مع البيئة وقامت ببناء بيوتها من مواد طبيعية تنتهي وتتحلل بمجرد خلوها وإنتهاء الغرض منها في خلال أشهر قليلة ، وكانت لاتستهلك أكثر من حاجتها من الغذا ، أما الإنسان فقد قام بقطع ملايين الهكتارات من الغابات التي عاشت ملايين السنين رئةً لكوكب الأرض ومصدراً للغذا وملجأً للكائنات الحية والطيور ، حيث قام بتدمير هذه الثروة وتقليص مساحة الغابات بشكل كبير لإستخدام الأخشاب في الصناعة والتدفئة مما أخل بالتوازن البيئي إخلالاً لايمكن التراجع عنه ، كما قام بتجريف الأراضي للتوسع في بناء المدن على حساب الأراضي الزراعية حيث قام بتكديس بلايين الأطنان من الإسمنت والحديد والإسفلت على شكل مدن أصبحت مصدراً من مصادر التلويث لبيئة الأرض والتشويه الجمالي لسطحها ، وحفر المناجم في أعماق الأرض ونسف الجبال بحثاً عن المعادن ، وتم إستخراج المواد الأحفورية مثل الفحم والبترول لحرقها كوقود مما لوث الهواء وأثر على البيئة في البر والبحر ، واستخدم الأراضي مكباً للنفايات ومدفناً للمواد السامة ، بالإضافة إلى إستخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية مما أدى إلى تلوث التربة الزراعية والمياه الجوفية ، كل ذلك من الأنشطة وغيرها الكثير قد أثر كثيراً على كوكب الأرض وأخل بتوازنه البيئي وإستنزف موارده الغير متجددة محولاً لها من مركبات بدائية إلى مركبات شديدة التعقيد ومواد تتكون من روابط كيميائة يصحب تحللها مع مرور الزمن وهي علاوة على ذلك شديدة السمية على التربة والماء والهواء والكائنات الحية ، ناهيك عن الخطر العظيم الذي يتمثل في المواد النووية التي تتزايد تسرباتها ومخلفاتها مهددة كوكب الأرض وجميع من عليه بالفناء.
ومما سبق نستنتج أن النشاط الإنساني في كوكب الأرض يعتبر نشاطاً ضاراً ينتج عن مصالح آنية وأنانية مفرطة ونظرة قصيرة ، ويؤدي على المدى البعيد إلى إستنزاف موارد الأرض وتسميم بيئتها والإخلال بتوازنها ، وبإختصار فإن الحضارة الإنسانية زادت من مستوى الخلل في كوكب الأرض ، وأدت إلى إنقراض بعض النباتات والحيوانات من على سطحه وأدت إلى ظهور بعض الأمراض التي ترتبط بالتلوث ووضعت مستقبل كوكب الأرض ومن عليه في مهب الريح ، وهي بالنظرة الشمولية الكونية بثوراً تشوه كوكب الأرض وتلوث نقائه البيئي.
وسوف يضل الوضع على ما هو عليه بل سيزداد سواً إلى أن يبلغ الإنسان من الحضارة والتقدم ما يمكنه من إبتكار مصادر متجددة ونظيفة للطاقة ، والسيطرة على النمو السكاني ، وإبتكار مواد صديقة للبيئة وقابلة للتحلل والإمتصاص في التربة في فترة قصيرة نسبياً ، ويتخلى عن الطاقة النووية ويتخلص من مخلفاتها ومن جميع المخلفات الكيماوية بطريقة سليمة ومأمونة ، ويتمكن من الحفاظ على البيئة والكائنات النباتية والحيوانية ويعيد التوازن لها وينميها.
هذا هو التحدي الذي يواجه البشر وهم في سباق مع الزمن نحو تحقيقه.
فهل يسبق البشر عجلة الدمار التي تدور دون توقف ويحقق هذه المتطلبات.؟؟؟
أم نصل إلى نقطة اللاعودة فيما يتعلق بزيادة مستوى التدمير المنتظم لكوكب الأرض والإخلال بتوازنه وإستهلاك موارده وتلويث مصادره وتهديد الحياة فيه.؟؟؟
الزمن هو الذي سيقول كلمة الفصل في هذا المجال.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم