28‏/12‏/2024

الجذمين القحطاني والعدناني بين المواريث القبلية والبصمات الوراثية


الجذمين القحطاني والعدناني بين المواريث القبلية والبصمات الوراثية، والساحة الجينية بين الحقائق الواضحة والمزاعم الواهية

رغم محاولة تجنب الخوض في النقاشات حول المواريث القبلية والبصمات الوراثية لما يسود تلك المجالات من عنصريات قبلية ونشاطات عبثية ونقاشات عقيمة وحوارات ممجوجة وآراء ساذجة وإسفافات مقيتة وطروحات متهافتة ومزاعم واهية، ووجوب تركيز المهتم بتلك المجالات على ما يتعلق به من نسب وما يتعلق بذلك النسب من مواريث وتداخلات قبلية وبصمات وراثية وتجنب التدخل في أنساب القبائل الأخرى قدر الإمكان لتجنب النفي والإقصاء؛ إلا أن الالتزام الأدبي يستلزم المشاركة بتوضيح الصواب وتصويب الخطأ ودحض المزاعم وإبراز الجوانب المهملة وكشف الحقائق المخفية..

إجراء الفحوصات الجينية للبصمات الوراثية بواسطة مشاريع أو ناشطين مدلسين، والبحث في نتائج البصمات الوراثية من طرف هواة متعصبين؛ لن يصل إلى أي نتائج حقيقية ولن يتوصل إلى أي استنتاجات منطقية..

ربط المواريث القبلية بالبصمات الوراثية يستلزم الاطلاع على طيف واسع من المجالات العلمية ومنها العلوم المناخية والجيولوجية والجغرافية والتاريخية والجيوسياسية والدينية والإنسانية والسكانية واللغوية والمخطوطات والنقوش والآثار والأنساب والمواريث والتداخلات القبلية والأنساب الجينية، والقدرة على توضيف تلك المعطيات المختلفة والربط بين أحداث متباعدة مكانياً وزمانياً للتوصل إلى نتائج توفق بين جميع تلك المجالات بما يخدم العلم والمعرفة..

إلا أن البحث في مجال البصمات الوراثية يتجاهل جميع أو جل تلك المعطيات، ويسعى لتأكيد توجهات رغبوية بانتهاج سلوكيات خاطئة وترويج مزاعم واهية ومنها: تركيز البحث عن ذرية رجل واحد عاش في زمن حديث نسبياً يقدر بحوالي 3600 عام من الزمن الحالي وهو النبي إبراهيم -عليه السلام- والزعم بانحدار جميع قبائل الجزيرة العربية من نسله رغم حداثة عهده، قلب العرب العاربة لمستعربة والعرب المستعربة لعاربة، نسبة الجزرية للقوقاز ونفي العروبة لأرمينيا، عكس مسار انتشار العروبة من الجزيرة العربية إلى خارجها ليصبح من خارج الجزيرة العربية إلى داخلها، عكس مسار خطوط الهجرات الكبرى التي تنطلق من الجزيرة العربية إلى الهلال الخصيب لتصبح من الهلال الخصيب إلى الجزيرة العربية لتتوافق مع الاستعراب الوارد في النصوص الدينية والتاريخية ولإسقاط الاستعراب على كافة العرب العاربة والمستعربة، برهمة كافة القبائل العربية وسمعلة القبائل القحطانية وعدننة القبائل السبأية..

إن محاولات نفي الاستعراب عن جزء من العرب للاعتقاد بأنه ينتقص من شأنهم، أو تعميمه على جميع العرب العاربة والمستعربة لتأكيد موروث أحد الجذمين؛ هي محاولات خاطئة تجانب الصواب وتفتقد التجرد وتنطلق من رؤية ضيقة ونظرة قاصرة وأفكار ساذجة؛ فإن كان النبي إبراهيم -عليه السلام- من أرومة آرامية من الهلال الخصيب، فإن قبائل الهلال الخصيب وقبائل الجزيرة العربية تنحدر من أرومة واحدة من نسل جد واحد هو سام بن نوح، وقبل ما يزيد عن 10 آلاف عام لم يكن لعرب الجنوب في الجزيرة العربية أي ميزة تميزهم عن أبناء عمومتهم عرب الشمال في الهلال الخصيب، بل كانت قبائل الهلال الخصيب خلال بعض العصور أكثر تحضراً من قبائل الجزيرة العربية.

الحقيقة التي يجب إدراكها حول العروبة تتلخص في أن الجزيرة العربية تمثل بوتقة انصهرت فيها مكونات العروبة العاربة والمستعربة لتتبلور الأمة العربية بمكوناتها العرقية والثقافية، ثم تمتزج خلال آلاف الأعواف لتصبح نسيجاً مجتمعياً واحداً تعلوا فيه القيم الإسلامية ويتجسد فيه الانتماء الوطني وتتعايش فيه كافة طبقات وأطياف المجتمع في وطن واحد تعلوا فيه اعتبارات المواطنة على جميع الاعتبارات..

إن الإلمام بالجوانب المعرفية والإقرار بالحقائق المنطقية والالتزام بالأمانة العلمية والتقيد بالنزاهة البحثية والتحلي بالشجاعة الأدبية؛ يدل على الوعي والإدراك وتقديس الحقيقة..

أما سلوك السلوكيات المعيبة وانتهاج المناهج المنحرفة وترديد المزاعم الواهية؛ فيدل على افتقاد المصداقية والموضوعية، ويهدف لقلب الحقائق والانتصار للمواريث بأي وسيلة، ويؤدي لتجريد الجزيرة العربية والعرق العربي من المولد والمنشأ والتاريخ والجغرافيا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم