الصفحات

04‏/12‏/2011

لا تكن ناقلاً سلبياً



عليك بتقوى الله إن كنت غافلاً *** يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
فكيف تخاف الفقر والله رازقاً *** فقد رزق الأطيار والحوت في البحر
فلو أن كسب الرزق يأتي بقوة *** ما أكل العصفور شيئاً مع النسر
تزود من الأعمال إنك لا تدري *** إذا جن ليلاً هل تعيش إلى الفجرِ
فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ *** وكم من سقيمٍ عاش حيناً من الدهرِ
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً *** وأكفانه في الغيب تنسج لا يدري
وكم من صغارٍ يرتجى طول عمرهم *** وقد لفلفت أجسامهم ظلمة القبرِ
وكم من عروسٍ زينوها لزوجها *** وقد قُبضت أرواحهم ليلة القدرِ
فمن عاش يوماً أو ثمانين حجةً *** فلا بد من يومٍ يٌسًيرٌ للقبرِ

هذه أبيات للشافعي تم تناقلها غير موزونة
وقد قمت بمحاولة وزنها إجتهاداً مني
ولا يوجد نسخةً ممائلةً لما قمت بإدراجة من أبيات
فيجب أن تراعى الأوزان عند رواية الشعر
وأن لا يتم تناقلها كما هي مع وضوح عدم وزنها على نظام التفعيلة
أو وجود بعض الأخطاء العروضية فيها
فمثلاً يردد هذا البيت :
فكيف تخاف الفقر والله رازقاً *** فقد رزق الطير والحوت في البحر
فقمت بوزنه ليصبح كما يلي :
فكيف تخاف الفقر والله رازقاً *** فقد رزق الأطيار والحوت في البحر
وهنا يلاحظ تعديل (الطير) إلى (الأطيار) ليستقيم الوزن
ويردد البيت التالي كما يلي :
تزول عن الدنيا فإنك لا تدري *** إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر
فقمت بتعديله ووزنه كما يلي :
تزود من الأعمال إنك لا تدري *** إذا جن ليلاً هل تعيش إلى الفجرِ
وهنا يلاحظ إستقامة البيت ووضوح هذفه ومعناه
ويردد البيت التالي كما يلي :
فمن ظن أن الرزق يأتي بقوة *** ما أكل العصفور شيئاً مع النسر
وهنا يتضح عدم قوة الإرتباط بين الشطرين
فقمت بتعديله كما يلي :
فلو أن كسب الرزق يأتي بقوة *** ما أكل العصفور شيئاً مع النسر
فأصبح الإرتباط بين شطري البيت واضحاً جلياً
وأصبح الهدف من المعنى متماسكاً ومنطقياً
ويردد هذا البيت كما يلي :
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً *** وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
دخلت كلمة (وهو) في شطر البيت الثاني، فلم يستقم الوزن
فقمت بتعديل البيت كما يلي :
وكم من فتىً أمسى وأصبح ضاحكاً *** وأكفانه في الغيب تنسج لا يدري
ويتضح حذف كلمة (وهو) فاستقام الوزن
ويردد هذا البيت كما يلي :
وكم من صغارٍ يرتجى طول عمرهم *** وقد أدخلت أجسامهم ظلمة القبرِ
وقد إستبدلت كلمة (أدخلت) بكلمت (لفلفت)
فأصبح الظلام يلف الجسد، كما يلفه الكفن
فأصبح البيت كما يلي :
وكم من صغارٍ يرتجى طول عمرهم *** وقد لفلفت أجسامهم ظلمة القبرِ
ويردد هذا البيت كما يلي :
فمن عاش الفا والفين *** لابد مــن يــــوم يسير الــى الـقـبـــر
وتلاحظ هنا ركاكة البيت، واختلال الوزن الواضح فيه، وسوء التعبير، فالميت لا يسير إلى القبر
فقمت بتعديله كما يلي :
فمن عاش يوماً أو ثمانين حجةً *** فلا بد من يومٍ يٌسًيرٌ للقبرِ
هذه محاولةً بسيطةً مني، وأنا هنا لا أعدل في أبيات الشافعي كما قالها هو
بل أن هذه الأخطاء حدثت بسبب سوء النقل، والأخطاء الإملائية
نظراً لطول زمن روايتها وتناقلها بين الناس
وعليه فإننا نستخلص من ذلك، أن هناك بعض النصوص الشعرية التي تحفل بالأخطاء الإملائية والإختلالات الوزنية والإختلافات العروضية
فلا تكن ناقلاً سلبياً
بل كن صماماً لا ينفذ منه
إلا السليم لغوياً، البليغ تعبيرياً، الصحيح إملائياً، الموزون عروضياً.
(محمد الحسين)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم