28‏/01‏/2011

توجه الكتاب ورغبات القراء


يتجه معظم الكتاب العرب إلى المقالات الإنشائية ، ربما بسبب التركيز في مراحل الدراسة في المناهج العربية على المواد الإنشائية ، مثل مواد التعبير ، وقلة التركيز على المواد العلمية ،
إلا أن بعض الكتاب خرجوا عن هذا المسار ، وتوجهوا إلى الكتابات ذات الطابع العلمي ، والمقالات العلمية الموجزة ، التي تتطرق إلى الشئون العلمية ، (الفلكية ، والتقنية ، والطبية ، وغيرها) والمدعمة (بمعلومات إحصائية) دقيقة ومركزة ، تسهل على القاريء تصور الموضوع ، والإحاطة به من جميع الجوانب ، وقد إستفاد هذا النوع من الكتاب ، ذوي الإتجاه الجديد ، من إجادتهم لبعض اللغات ، ومن أهمها اللغة الإنجليزية ، حيث أتاح لهم ذلك الإطلاع على رصيد ضخم من المعلومات والكتب القيمة ، حيث يقومون بالإقتباس من هذه الكتب ، وتلخيص أهم ما فيها ، وطرحه كمقال ، بعد تذييله بتعليق بسيط من الكاتب ، يمس الجوانب الدينية ، أو الوطنية ، أو المعتقدات ، أو الأساطير ، أو بعبارة أشمل المخزون الثقافي للقاريء العربي ، ثم طرحه للقاريء وكأنه من إنتاجه الشخصي ، دون الإشارة إلى المصدر الذي إستقى الكاتب معلومات مقاله منه ، معتمداً على قلة اللذين يجيدون اللغات ، وأقل منهم من يقرأون ، وأقل من هذا كله الكتب المترجمة في العالم العربي ، والًتي لا تمثل واحداً من الألف من الإنتاج العالمي من الكتب في مختلف مجالات العلوم ، حيث يبلغ ما يتم ترجمته في العالم العربي من المحيط إلى الخليج في أكثر من واحد وعشرين دولة عربية في عام كامل ، أقل من واحد في المئة من الكتب التي يتم ترجمتها في دولة من أقل الدول الأوروبية إمكانيات مثل إسبانيا في شهر واحد ، إلا أن مثل هذا التوجه من هؤلاء الكتاب له إيجابيات كثيرة منها : تغيير توجهات القراء ، وإثارة إهتماماتهم ، نحو الأمور التي يمكن أن تفيدهم ، وتساعدهم على اللحاق بركب التطور ، وتساهم في تغيير حياتهم نحو الأفضل ، فالمستقبل للعلم ، والشعوب لا تنهض إلا بالعلم ، أما الأمور الأخرى التي مللنا من مناقشتها ، وتعبنا من قراءة ما يسطر فيها من مقالات قصيرة ، فضلاً عن الموضوعات الطويلة ، وأسفار الكتب التي تتكون من المجلدات الضخمة ، والتي لا تكاد تخرج عن موضوعات محددة ، لا تتجاوز أكثر من 3 مجالات غالباً ، هذا الثالوث الذي أشبعه القاريء العربي بحثاً وتمحيصاً ، على مدى قرون طويلة ، يجب أن يأخذ حجمه الطبيعي من خارطة الثقافة ، ومن التوجه الفكري ، والرصيد المعرفي للقاريء ، وأن يترك مجالاً للمجالات الأخرى من العلوم النافعة ، والتي تبنى عليها ثقافة البشر وحضارة الأمم ،
إلا أن هذا النوع من الكتابات ذات التوجه العلمي لبعض الكتاب ، قد أصبح لا يثير القاريء كالسابق ، فهؤلاء الكتاب الذين إستفادوا من قلة عدد المطًلعين من القراء العرب على آخر ما تنتجه العقول في جميع المجالات ، قد أصبح له منافس كبير يتمثل في نشر المعرفة عبر الإنترنت ، بالإستعانة بعدد من الأدوات ومنها : (الأستاذ جوجل) مثلاً ، وكذلك ظهور عدد من دور الترجمة في الوطن العربي ، الًتي أخذت على عاتقها ردم الهوة الثقافية ، وسد الفجوة الكبيرة والمستمرة في الإتساع ، وتقريب المستوى في المجال العلمي بشكل خاص ، والمعرفي المتمثل في جميع المعارف البشرية بشكل عام ، بين العرب من جهة ، والعالم المتقدم من جهة أخرى
وفي هذا المجال يتوجب الإشادة بهذه المشاريع الرائدة في مجال الترجمة ، والتي تتميز بحسن الإختيار ، وجودة الترجمة ، وغزارة الإنتاج ، وصدق الإلتزام ، وسمو الرسالة ،  حيث تقوم بترجمة أفضل ما ينشر في العالم ، في جميع مجالات العلوم والتقنية ،
ومن هذه المشاريع الرائدة مشروع : (كلمة) ، الذي قام بترجمة عدد من الكتب الرائعة والقيمة ، الصادرة باللغة الإنجليزية ،
ومشروع (كلمة) مثلاً ، وغيره من المشاريع الأخرى ، تعتبر من مشاريع الترجمة الرائدة في الوطن العربي ، والًتي تمثل أهمية كبيرة ، ولا تقدر بثمن للقاريء ، فنحن بأمس الحاجة للحاق بركب العلم ، والإطلاع على مستجداته ، والإحاطة بإكتشافاته ، والنهل منه ، من مصادرة الرئيسية ، عن طريق قراءة الكتب المختصة ، وليس عن طريق قراءة المقالات الموجزة والمبتسرة ، والًتي تخضع لمزاج بعض الكتاب ، ومستوى ثقافته ، ونوعية إختياره ،
فيجب على مشاريع الترجمة الرائدة في الوطن العربي ، حسن إختيار الكتب ، وجودة الترجمة ،
ويجب على القاريء العربي ، التوجه للقراءة ، والنهل من مصادر العلم والمعرفة مباشرة دون وسيط ،
فقد تغير الوضع ، وإرتفع مستوى الوعي ،
ويجب رفع شعار :
(الثقافة للجميع)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم