ديموقريتس
ديموقريطس
فيلسوف مادّي يوناني ، عاش ما بين (470-361 ق.م) وفلسفته المادّية تقول :
إن الوجود واحد ، وهو ينقسم إلى عدد غير متناهٍ من الوحدات غير المتجانسة وغير المدركة بالحسّ ، والواحد منها هو الجوهر الفرد ، أو الجزء الذي لا يتجزأ .
وهذه الوحدات غير المتجانسة قديمة أزلية ، نظراً إلى أن الوجود لا يمكن أن يخرج من العدم الكلي المحض ، وهي دائمة أبدية ، إذْ لا ينتهي الوجود إلى العدم الكلي المحض (اللاوجود مطلقاً).
أطلق على هذا الجزء الذي لايتجزء إسم أتوم أي الذي لايتجزء أو الذرة باللغة الإغريقية ولا زال هذا الإسم مستخدماً حتى اليوم .
أطلق على هذا الجزء الذي لايتجزء إسم أتوم أي الذي لايتجزء أو الذرة باللغة الإغريقية ولا زال هذا الإسم مستخدماً حتى اليوم .
وعن "ديموقريطس" وأستاذه "لوقيبوس" أخذ المادّيون بعدهما ، حتى فريق المادّيين المعاصرين ، فكرة أزلية المادة ، وأن وجود الكون ثمرة حركة مادّة الكون الأولى ، وأنه سيعود إلى مادّته الأولى ، ثمّ يستأنف الكرّة ، وهكذا دواليك .
والنفس عند "ديموقريطس" مادّية أيضاً ، وهي مؤلفة من أدقّ الجواهر وأسرعها حركة .
فكلّ ظواهر الوجود الكوني عنده تتحكم بوجودها آلية الحركة الذاتية للوحدات غير المتجانسة التي يتألف منها الوجود كله .
ويعرف هذا في الفلسفة بالمذهب الذري ومضى "ديموقريطس" بالمذهب الآلي إلى حده الأقصى ، ووضعه في صيغته النهائية ، فقال : إن كلّ شيء امتداد وحركة فقط .
ولم يستثن النفس الإنسانية ولا الآلهة التي كان يعتقد بها اليونانيّون ، فالآلهة في رأيه مركبة من جواهر كالبشر ، إلا أن تركيبهم أدقّ ، فهم لذلك أحكم وأقدر ، وأطول عمراً بكثير ، ولكنهم لا يخلدون .
ويقدّم "ديموقريطس" أفكاره هذه آراءً فلسفية ، غير مستندة إلى أدلة تؤيدها ، ويطرحها ادعاءً تصورياً بلا حجج ولا براهين .
نقد آراء ديموقريطس
لو تأمل ديموقريطس فيما عرض من أفكار ببصيرة نافذة ، لكانت كفيلة بنقض مذهبه في أزلية المادية وأبديتها واعتبار أنها هي الوجود كله .
1- أما قوله : إن العدم الكلي المحض لا يمكن أن يتحول إلى الوجود بنفسه ، وأن ما هو أزلي لا بد أن يكون أبدياً ، فهو قولٌ حقٌّ ، برهانه عقلي .
لأن العدم الكلي المحض لا يمكن عقلاً وبداهة أن يتحوّل بنفسه إلى الوجود ، فالعدم لا شيء ، ويستحيل عقلاً أن يتحول اللاشيء إلى شيء .
وما هو أزلي – أي: واجب الوجود – لا يمكن أن تأتيه حالة يكون فيها ممكناً حتى يقبل فيها العدم .
لكن هذا لا يفيد أزلية المادة ، إنما يهدي إلى وجود موجود أزلي هو الذي أوجد المادّة ، وخلق الكون بقدرته وعلمه وحكمته واختياره المطلق فالمادّة بطبيعتها المتغيّرة والمتحوّلة القابلة للتحليل والتركيب ، لا تصلح لأن تكون أزلية ، وما ليس أزلياً فهو حادث ، وما هو حادث لا بدّ له من مُحْدث .
2- تضمْنت آراؤه أنّ النظام الكوني الرائع ، كان نتيجة المصادفة العمياء الجاهلة التي لا قصد فيها ، ولا يوجهها علم ، ولا تدبرها حكمة وهذا يتنافى مع حقائق الفكر ويقيناته ، فاليقينات الرياضية والبحوث العلمية ، تثبت استحالة وجود نظام الكون البديع مصادفة ، دون خطّة مدبّر عليم حكيم قدير مختار .
3- وتضمّنت آراؤه أن الحياة ، والإرادة في الأحياء ، والفكرَ في الإنسان الحي ، من ثمرات تطور المادة الخالية من هذه الأشياء الراقية .
فلزمه بهذا أن يقبل تحول الناقص إلى الكامل بنفسه ، وهذا نظير وجود الشيء من العدم الكلي المحض ، الذي وافق الآخرين على رفضه لبداهته ، ومن أجل ذلك قرّر أزلية المادّة.
وهنا نلاحظ تناقضه مع نفسه ، وحسبُ التناقض دليلاً على إسقاط أيّ مذهب .
وتناقضه يظهر في أنه أقرّ استحالة تحوّل العدم المطلق إلى الوجود بنفسه ، ثمّ أثبت وجود عنصر الكمال في المادة بنفسه مع أنه كان عدماً محضاً ، فالمادّة التي لا حياة فيها من أين جاءتها الحياة؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق
نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم