11‏/12‏/2011

ضوابط الكتابة في التاريخ


إن من الواجب على المهتم بالتاريخ
أن يعلم حجم المسؤلية
ويعي عظم الأمانة التي تقع على عاتقه
مما يحتم عليه
التحري للحقيقة
والتحلي بالأمانة
والتمسك بالصدق
والإلتزام بالمصداقية
والتقيد بالدقة
وأن يدعم ما يكتب
بالوثائق المقنعة والحجج الدامغة والإستدلالات المنطقية
أما ما يواجهه من بعض القراء من إعتراضات غير مبررة فإن ذلك مرده عدد من الإحتمالات كما يلي :
1- أن بعض القراء قد تشبع بكلامٍ غير صحيح، خلق لديه تاريخاً وهمياً، ثم صدم بالحقائق التي تختلف عن ما قيل له، ورسخ في ذهنه، وتشبعت به مخيلته.
2- أنه يعتقد بأن التاريخ قد نسي، وبأن أهله لا يذكرون منه شيئاً، وبأنهم يعتمدون فقط على النصوص القليلة المدونة في التاريخ، فيحاول خلق تاريخاً مختلفاً،
ثم يفاجأ بأن أهل الشأن في تلك الحوادث يعرفون جلها ودقها، فصدمه ذلك ولا يستوعبه.
3- أنه يعتقد بأن الأمجاد التاريخية حقاً مشاعاً لمن سبق لها.
4- أنه يسيء الظن فيمن يكتب، ويستبعد إحتمال مخافته من الله في رواية ما لم يصح، وهنا سصح المثل بأن (كل إناءٍ بما فيه ينضح).
5- انه يعتقد بأن أهل الذكر في التاريخ، وأولو الشأن في الأحداث،
عندما يروون تاريخهم، فإنهم ينتحلون من الصفات ما ليس فيهم، ويسردون من القصص ما لم يقع لهم، ويدًعون من الأمجاد ما ليس لهم منه نصيب، وينتحلون من الشخصيات ما لا يمت لهم بصلة، ويروون من الأحداث ما لم يثبت، ويذكرون من الوقائع ما لم يوثق، ويدرجون من الوثائق ما لم يحقق، ويستشهدون من الشواهد بما لا يُصَدًق،
فيحاول مجاراتهم فيما يظن أنهم يفعلونه، ولا يرى غضاضةً أو عيباً في ذلك.
فتكون حججه واهية،
والنقاط التي يوردها لمجرد المشاغبة والتشويش فقط،
والدليل أنه كلما يجاب، يعود فيطلب الرد على ما أجيب عليه من جديد،
واختلاف الرأي يكون في المسائل الفكرية لا التاريخية،
ورغم ذلك فإنه لا يجب أن يفسد للود قضية،
فيجب على كل من يرغب الإعتراض أو النقاش
أن يراعي الأمانة في موافقته ومخالفته لغيره،
وأن يرعى حرمة الأسر وتواريخها،
وأن يفترض حسن النية، ولا يسيء الظن بغيره.
أما من يكتب فيجب عليه أن يتذكر قوله تعالى في الآية الكريمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
{إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
[ق:17-18]
صدق الله العظيم.
فيؤمن بضرورة تحري الدقة في رواية التاريخ
ووجوب التزام الأمانة في توثيق الوقائع
ويفهم أهمية الصدق في رواية تاريخ الأسر
وأحترام حرمة الأموات
ويعي تماماً أن الإنسان مسؤولاً عن ما يكتب
فإن كان يستند في روايته للأحداث، وتوثيقه للوقائع،
على الرواة الثقات من كبار السن،
إلا أنه يجب أن ينقل بأسلوب، ويكتب بتصرف،
لا يغير في روح الرواية، ولا يبدل في الخطوط العريضة للحدث،
مع الحرص على أن تكون صياغته للروايات، وسبكه للقصص،
عند أدنى حد ممكن من التصرف،
وأن لا يزيد فيها، أو ينقص منها، بما يخل بمحتواها،
فيجب أن لا يكون مجرد ناقل،
لا يعي ما ينقل، ولا يدقق فيما يروي،
بل يجب أن يكون له بصمةً لا يخفيها، ومجهوداً لا يقلل من شأنه، وجهداً لا ينكره،
في المقارنة، والتدقيق، والربط، والسبك
ومراعاة سلامة الإملاء، وبلاغة التعبير، وجزالة الألفاظ، ووضوح المعنى،
بما يؤدي إلى فهم النص، وجمال الصورة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم