28‏/05‏/2010

تاريخ الأزد


الأزد، قبيلة عربية تنتمي لكهلان من سبأ ، من القحطانية ، هجروا اليمن بعد تصدع سد مأرب ، إنقسموا إلى : أزد شنوءة ، وأزد السراة ، وأزد عمان ، وأزد غسان. وتفرعوا إلى قبائل عديدة مثل : قبائل الدواسر ، وزهران ، وغامد ، وحوالة ، والبقوم ، والأوس ، والخزرج (الأنصار) ، وبارق ، وألمع ، وبلقرن ، وشمران ورجال الحجر وهم : (بني شهر ، وبني عمرو ، وبني الأحمر ، وبني الأسمر) ، وخزاعة ، والغساسنة ، و(لخم وهم المناذرة).

وتنتسب قبائل الأزد جميعًا إلى الأزْد بن الغوث بن نَبْتٍ بن مالك بن زيد بن كَهْلان بن سبأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قحطان والأزد لقبه، وإسمه دِراء بوزن (فِعَال)، والأزْد والأسْد لغتان، والأخيرة أفصح، إلا أن الأولى أكثر.

قال إبن دريد :"إشتقاق الأسْد من قولهم: أسِدَ الرجل يأسَدُ أسْدًا، إذا تشبّه بالأسد".

وكان للأزد سبعة أولاد تفرعت عنهم جميع قبائل الأزد، وهم : مازن ، ونصر، والهنو، وعبد اللَّه ، وعمرو، وقُدار، والأهْيُوب.


الأزد بلغوا من المجد قمته ، ومن الشرف ذروته ، حفظ التاريخ ذكرهم ، ودون مجدهم ، فهم أصحاب الجنتين في مملكة سبأ ، وهم سادة العرب وملوكها قبل الإسلام ، وبعد نزوحهم من اليمن وتفرقهم في أرجاء الجزيرة العربية ، وبعد البعثة النبوية كان لهم في الإسلام بادرة عظيمة ومنـزلة شريفة ، إذ هم أول القبائل العربية إيمانًا بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقاً برسالته ، فآووه في أرضهم ، ونصروه بأموالهم وأنفسهم ، وهم في الفتوحات الإسلامية أصحاب مواقف مشرفة في رفع راية التوحيد ونشر الإسلام في أصقاع الأرض ، ثم كان منهم العلماء والشعراء الذين أثروا الثقـافة العربية والإسلامية.
وعُرف الأزد بالفصاحة، فكانوا من أفصح الناس لسانًا، وأعذبهم بيانًا، اعتُمد على لغاتهم في أخذ اللسان العربي، وظهر أثرها الواضح في ألفاظ القرآن الكريم وقراءاته، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وما أثر عنهم من أقوال وأشعار وأمثال. كما كانت لغاتهم من مصادر الاحتجاج اللغويّ والنحويّ عند علماء العربية وغيرهم.

قبائل الأزد :

يذكر النسابون أن القبائل التي تنتسب إلى الأزد إفترقت على نحو ست وعشرين قبيلة وهم الأوس ، والخزرج ، وخزاعة ، وغامد ، وزهران ، وحوالة ، والبقوم ،  وشمران ، ورجال الحجر وهم بني شهر ، وبني عمرو ، وبني الأحمر ، وبني الأسمر ، والدواسر ، وجَفْنَة ، وغسّان ، وعسير الهول ، ومازن ، وبـارق ، وألمع ، وبلقرن ، والعَتيك ، وراسب ، ووالِبَة ، وثُمَآلة ، ولِهْب ، ودُهمان ، والحدّان ، وشَكْر، وعَكّ ، وفَهْم ، والجَهاضم ، والأشاقر، والقَسامل.
وهناك من يقسمهم على هذا الأساس. قال ياقوت : الأزد تنقسم إلى أربعة أقسام : أزد شنوءة ، وأزد السراة ، وأزد عمان ، وأزدغسان.
ولذلك قال كثير النجاشي :

فإني كذي رجلين رجل صحيحة *** وأخرى بها ريب من الحدثان
فأما التي صحت فأزد شنوءة *** وأما التي شّلت فأزد عمـان

أزد شنوءة :
أزد شنوءة : وهم أبناء كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر ين الأزد ، وهم حاليًا قبائل زهران وغامد.

أنشد الخليل :

فما أنتم بالأزد أزد شنوءة *** ولا من بني كعب بن عمرو بن عامر

وشنوءة بالهمز، وشنوّة بتشديد الواو من غير همز، من الشنآن، وهو التباغض، قال إبن دريد: "وبه سمي أبو هذا الحي من الأزد".

وقال أبو عبيد: الشنوءة: الذي يتقزز من الشيء، وبه سمي أزد شنوءة.

وقال الخفاجي : سموا بهذا "لعلو نسبهم وحسن أفعالهم ، من قولهم: رجل شنوءة ، أي طاهر النسب ذو مروءة ".

وقال ياقوت : "شنوءة... مخلاف باليمن ، بينها وبين صنعاء إثنان وأربعون فرسخاً ، تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم : أزد شنوءة".

وقد إتفق المتقدمون على أنهم أبناء كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر، فهم : غامد وزهران ولهب وثمالة ، ويضاف إليهم بارق لمجاورتهم.

ولكن إختلف المتقدمون في معنى (شنوءة) :

1- فيقول ابن هشام : شنوءة هو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسد.

ويقول في معجم البلدان : هم بنو كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد.

2- ويقول في موضع آخر : وسارت قبائل نصر بن الأزد - ومنهم دوس زهران وغامد وبارق - نحو تهامة فأقاموا بها ، وشنؤوا قومهم.

3- ويقول في موضع ثالث : شنوءة : مخلاف باليمن بينها وبين صنعاء 43 فرسخاً، تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم أزد شنوءة.


4- وفي " عجالة النسب " : أزد شنوءة اسمه الحارث - وقيل عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد وهو الذي ولد هذه البطون والقبائل من غامد ودوس ونصر وماسخة وغيرهم.

تفرق الأزد وخروجهم من مأرب :

كانت مأرب وما حولها من أرض اليمن الموطن القديم للأزد، حيث كانوا يعيشون في رغد من العيش على ضفاف وادي سد مأرب الشهير، وقد وصف المسعودي أرضهم فقال: "كانت من أخصب أرض اليمن، وأثراها، وأغدقها، وأكثرها جنانًا وغيطانًا، وأفسحها مروجًا، مع بنيان حسن، وشجر مصفوف، ومساكب للماء متكاثفة، وأنهار وأزهار متفرقة" حتى قيل: إن المرأة كانت تخرج وعلى رأسها مكتل، وتسير بين الشجر، فيمتلئ من أنواع الفواكه من غير أن تمسها بيدها ولم يكن بأرضهم بعوض ولا ذباب ولا براغيث ولا عقارب ولا حيّات ولا هوام، فكانت كما قال اللَّه تعالى:


{لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}

{فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ}


{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.

وضرب العرب بتفرقهم الأمثال، فقالوا:


"تفرقوا أيدي سبأ، وذهبوا أيادي سبأ".

تاريخ خروجهم :


يرى أكثر المؤرخين أن نزوح الأزد عن مأرب كان قبيل إنهيار السد بزمن قليل في عهد عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن نحو سنة 115 قبل الميلاد ، على إثر علامات ظهرت لهم تنذر بخرابه. ومن المؤرخين من يرى أنهم نزحوا جميعًا عن مأرب في عهد عمرو المذكور بعد خراب السد، وغرق جناتهم، وذهاب أشجارهم، وإبدالهم خمطًا وأثلاً وشيئًا من سدر قليل. ويشكك الشيخ حمد الجاسر في تحديد رحيل الأزد من اليمن بخراب السد، فيقول : "وإنتقال تلك القبائل - أو جلها - من اليمن أمر معقول ومقبول، ولكن كونها إنتقلت إثر خراب السد أمر مشكوك فيه ، ذلك أن المتقدمين يؤرخون حادثة الخراب بأنها في عصر الملك الفارسي دارا بن بهمن، ودارا هذا هو الذي غزاه الإسكندر الكبير في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، والأدلة التاريخية والنقوش التي عثر عليها في أمكنة كثيرة في جنوب الجزيرة وشمالها، وفي أمكنة أخرى خارجها، تدل على انتشار كثير من تلك القبائل التي ورد ذكرها خارج اليمن قبل سيل العرم، وليس من المعقول أيضًا أن تلك الرقعة الصغيرة من الأرض، وهي مأرب تتسع لعدد كبير من السكان يتكون من عدد من القبائل. والأمر الذي لا ريب فيه أن انتقال تلك القبائل كان في فترات متفرقة، وفي أزمان متباعـدة، فعندما تضيق البلاد بسكانها ينتقل قسم منهم بحثًا عن بلاد تلائم حياتهم".

أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الأزد :


حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا غيلان بن جرير قال قلت لأنس أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله قال بل سمانا الله عز وجل كنا ندخل على أنس فيحدثنا بمناقب الأنصار ومشاهدهم ويقبل علي أو على رجل من الأزد فيقول فعل قومك يوم كذا وكذا كذا وكذا (صحيح البخاري)


عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:


" الأزد أسد الله في الأرض، يريد الناس أن يضعوهم، ويأبى الله إلا أن يرفعهم، وليأتين على الناس زمان، يقول الرجل : يا ليت أبي كان أزديا، يا ليت أمي كانت أزدية. " قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وروي هذا الحديث، بهذا إلاسناد، عن أنس، موقوف، وهو عندنا أصح. وقال الهيثمي : ورجال أحمد ثقات.

قوله : " الأزد" أي أزد شنوءة، في القاموس أزد بن الغوث وبالسين أفصح أبو حي من قحطان ومن أولاده الأنصار كلهم.


" أسد الله" أي جنده وأنصار دينه قد أكرمهم الله بذلك فهم يضافون إليه " أن يضعوهم" أي يحقروهم ويذلوهم" ويأبى الله إلا أن يرفعهم"أي ينصرهم ويعزهم ويعليهم على أعداء دينهم قال القاضي : يريد بالأزد أزد شنوءة وهو حي من قحطان أولاد أزد بن الغوث بن ليث بن مالك بن كهلان بن سبأ وأضافهم إلى الله تعالى من حيث إنهم حزبه وأهل نصرة رسوله. قال الطيبي : قوله أزد الله يحتمل وجوها أحدها اشتهارهم بهذا الاسم لأنهم ثابتون في الحرب لا يفرون، وعليه كلام القاضي. وثانيها أن تكون الإضافة للاختصاص والتشريف كبيت الله وناقة الله على ما يدل عليه قوله يريد الناس أن يضعوهم إلخ. وثالثها أن يراد بها الشفاعة والكلام على التشبيه، أي الأسد أسد الله فجاء به إما مشاكلة أو قلب السين زايا انتهى. قال القاري بعد نقل كلام الطيبي هذا وتبعه صاحب الأزهار من شراح المصابيح، لكن إنما يتم هذا لو كان الأسد بالفتح والسكون لغة في الأسد بفتحتين كما لا يخفى وهو ليس كذلك على ما يفهم من القاموس انتهى.


حدثنا زيد بن أبي الزرقا، بإسناد عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم القوم الأزد طيبة أفواههم فخرة أبدانهم تقية قلوبهم". (صحيح) قاله الأباني في السلسلة الصحيحة.


حدثنا ‏ ‏إبراهيم بن يعقوب ‏ ‏وغير واحد ‏ ‏قالوا حدثنا ‏ ‏وهب بن جرير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبي ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عبد الله بن ملاذ ‏ ‏يحدث عن ‏ ‏نمير بن أوس ‏ ‏عن ‏ ‏مالك بن مسروح ‏ ‏عن ‏ ‏عامر بن أبي عامر الأشعري ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : ((‏نعم الحي ‏ ‏الأسد ‏ ‏والأشعريون ‏ ‏لا يفرون في القتال ولا ‏ ‏يغلون ‏ ‏هم مني وأنا منهم))


قال صلى الله عليه وسلم : ((أتتكم الأزد أحسن الناس وجوها وأعذبها أفواها وأصدقها لقاء))


قال صلى الله عليه وسلم :((الأزد مني وأنا منهم، أغضب لهم إذا غضبوا وأرضى لهم إذا رضوا‏)) ‏‏أبو نعيم، طب - عن بشر بن عصمة .


قال صلى الله عليه وسلم : ((مرحبا بالأزد أحسن الناس وجوها وأشجعهم قلوبا وأطيبهم أفواها وأعظمهم أمانة‏!‏ شعاركم يا مبرور‏)) ‏عد عن ابن عباس‏ ‏‏.‏ .


قال صلى الله عليه وسلم : ((مرحبا بكم أحسن الناس وجوها وأصدقه لقاء وأطيبه كلاما وأعظمه أمانة‏!‏ أنتم مني وأنا منكم‏.‏)) ‏ابن سعد - عن منير بن عبد الله الأزدي‏.‏


‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ‏" الملك في ‏ ‏قريش ‏ ‏والقضاء في ‏ ‏الأنصار ‏ ‏والأذان في ‏ ‏الحبشة ‏ ‏والأمانة في ‏ الأزد


‏حدثنا ‏ ‏عبد القدوس بن محمد بن الحبحاب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن كثير العبدي البصري ‏ ‏حدثنا ‏ ‏مهدي بن ميمون ‏ ‏حدثني ‏ ‏غيلان بن جرير ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏يقول: " ‏إن لم نكن من ‏‏ الأزد ‏ ‏فلسنا من الناس "


حدثنا أحمد بن منيع حدثا يزيد بن هرون أخبرني أيوب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة : أن أعرابيا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة فعوضه منها ست بكرات فتسخطه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " إن فلانا أهدى إلي ناقة فعضوته منها ست بكرات فظل ساخطا ولقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أوأنصاري أو ثقفي أو دوسي ". والأنصار ودوس من الأزد. (صحيح) الألباني،


وذكر أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يتحرى وقت طوافهم، ويدخل في جملتهم، تبركا بدعائهم، وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر: "زاحموهم في الطواف، فإن الرحمة تنصب عليهم صبا".


وصف لموسى عليه السلام:


قال عليه الصلاة والسلام: (... ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران...) (صحيح مسلم، البخاري)

سرعة دخولهم في الإسلام:

كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حي من العرب يدعوهم إلى الإسلام فلم يقبلوا الكتاب ورجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال: (أما إني لو بعثت به إلى قوم بشط عمان من أزد شنوءة وأسلم لقبلوه)


عن سويد بن الحارث الغامدي في وفد غامد وغامد جزء لا يتجزأ من بطون الأزد قال :


وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلما دخلنا عليه وكلمناه فأعجبه مارأى من سمتنا ورينا فقال: ما أنتم؟ قلنا : مؤمنون ، فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال: إن لكل قول حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟
قلنا : خمس عشرة خصلة : خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها ، وخمس أمرتنا أن نعمل بها ، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئاً.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مالخمسة التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها؟
قلنا : أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت.
قال : ومالخمسة التي أمرتكم رسلي أن تعملوا بها؟
قلنا : أمرتنا أن نقول لا إله إلا الله... ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونصوم رمضان ونحج البيت من إستطاع إليه سبيلاً.
فقال : ومالخمسة التي تخلقتم بها في الجاهلية؟
قالوا : الشكر عند الرخاء ، والصبر عند البلاء ، والرضى بمُر القضاء ، والصدق في مواطن اللقاء ، وترك الشماتة بالاعداء.
فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:[ حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء].
ثم قال :[ وأنا أزيدكم خمساً فيتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون ، فلا تجمعوا مالا تأكلون ، ولا تبنوا مالا تسكنون ، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غداً تزولون ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون ، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون].
فانصرف القوم من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحفظوا وصيته وعملوا بها.
وكان الوفد الوحيد من بين كل الوفود التي أتت للنبي صلى الله عليه وسلم الذي لاقى هذا المدح من الرسول الكريم.

قصيدة رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الأزد :


الأَزْدُ سَيْفِـي عَلَـى الأَعْـدَاءِ كُلِّهِـــمُ
وَسَيْفُ أَحْمَدَ مَنْ دَانَتْ لَـهُ العَـــرَبُ
قَوْمٌ إذا فاجـأوا أَبْلَـوا وإن غُلِبُــوا
لا يُحْجِمُونَ ولا يَدْرُونَ مَا الْهَــرَبُ
قَـــــوْمٌ لَبُوسُهُــــمُ فِـي كُـلِّ مُعْتَـرَك
بيــــضٌ رقــــاقٌ وداوُديــةٌ سُـلَــبُ
البِيْضُ فَوْقَ رُؤُوسٍ تَحْتَهـا اليَلَـبُ
وفي الأَنَامِلِ سُمْرُ الخَـطِّ والقُضُـبُ
وأَيُّ يَـــوْمٍ مِـنَ الأَيَّـــامِ لَيْـسَ لَهُــم
فيهِ مِنَ الفِعْلِ ما مِنْ دُونِـهِ العَجَــبُ
الأَزْدُ أزيَــدُ مَنْ يَمْشِــي عَلَـى قَـــدَمٍ
فَضْــلاً وَأَعْلاَهُـــمْ قَـدْرا إذا رَكِبُــوا
وَالأَوْسُ وَالْخَزْرَج القَوْمُ الَّذِينَ بِهِمْ
آوَوا فَأَعْطَـــوا فَـــوْقَ مَـا وَهَـبُــوا
يَا مَعْشَـــر الأَزْدِ أَنْتُـــمْ مَعْشَـرٌ أُنُـفٌ
لاَ يَضْعُفُون إذا مَا اشْتَـدَّتِ الحِقَــبُ
وَفَيْتُــمُ وَوَفَــــاءُ العَـهْـــدِ شِيْمَتُـكـم
وَلَمْ يُخالِـطْ قديمـا صِدْقَكُــــمْ كَـــذِبُ
إذا غَضِبْتُمُ يَهَابُ الخَلْـقُ سَطْوَتَكُـم
وَقَـدْ يَهُــونُ عَلَيكُـم مِنْهُـمُ الغَضَــبُ
يا مَعْشَـــر الأزْدِ إِنِّـي مِـنْ جَمِيْعِكُــمُ
رَاضٍ وَأَنْتُمْ رؤوسُ الأَمْرِ لا الذَّنَـبُ
لَنْ يَيْأَسَ الأَزْدُ مِـنْ رُوْحٍ وَمَغْفِـــرَةٍ
وَاللُه يَكْــلأُهُم مِنْ حَيْـثُ مـا ذَهَبُــوا
طِبْتُم حَدِيثـاً كمــا قَـدْ طـابَ أَوَّلُكُـــمْ
والشَّوْكُ لايُجْتَنَى مِنْ فَرْعِهِ العِنَــبُ
والأَزْدُ جُرْثُومَةٌ*إِنْ سُوبِقُـوا سَبَقُـوا
أو فُوخِرُوا فَخَرُوا أوغُولِبُوا غَلَبُـوا
أَو كُوثروا كَثِرُوا أوصُوبرُوا صَبَـروا
أو سُوهِموا سَهَموا أو سُولِبوا سَلَبوا
صَفَــوا فَأَصْفَاهُـمُ البَـــارِي وِلاَيَتَـهُ
فَلَمْ يَشِبْ صَفْوَهُـمْ لَهْـوٌ ولا لَعِــــبُ
مِنْ حُسْنِ أخْلاَقِهِمْ طابَتْ مجالِسُهُـمْ
لا الجَهْلُ يَعْرُوْهُمْ فيها ولا الصَّخَـبُ
الغَيْثُ ما رُوِّضُوا مِـنْ دُوْنِ نائِلِهِـمْ
والأُسْدُ* تَرْهَبُهُمْ يومـا إذا غَضِبُـــوا
أَنْــدَى الأَنَـامِ أَكُفًّـا حِيْـنَ تَسْأَلُهُــــم
وَأَرْبَطُ النَّاسِ جَأْشــاً إنْ هُـمُ نُدِبـوا
فَاللُه يَجْزِيْهِـمُ عَمَّــا أَتَـوا وَحَبَـــــوا
بِهِ الرَّسولَ وَمَا مِنْ صَالِـحٍ كَسَبُــوا

جرثومة : مجتمع الشيء وأصله ، وجرثومة الشئ ‘بالضم‘ أصله ومُجتمعه.
وروى عن بعضهم الأسد جُرثومة العرب.
تاج العروس - الزبيدي ج 8 ص 226.
الأســـد : بتسكين السين ، تعني الأزد
والأزْد والأسْد لغتان ، والأخيرة " أفصح "، إلا أن الأولى " أكثر " . قال إبن دريد: إشتقاق الأسْد من قولهم : أسِدَ الرجل يأسَدُ أسْدًا، إذا تشبّه بالأسد.

مشاهير الأزد في الجاهلية :
الملك عمرو بن عامر (مزيقياء) الملطوم صاحب سد مأرب.
الملك عامر بن حارثة (ماء السماء).
الملك حارثة بن إمرؤ القيس (الغطريف).
مالك بن فهم الأزدي، ملك عمان المشهور.
جَذِيمة الأبرش بن مالك بن فهم ، أول من ملك العراق من العرب ، وأعظم ملوك العرب في الجاهلية.
منهم ملوك الحيرة.
الغساسنة من الأزد وهم ملوك الشام.
حاجز بن عوف الأزدي.
أطيلس البقمي من الصعاليك العدائين.
الشنفرى الحجري شاعر وصعلوك من الصعاليك العدائين وصاحب لامية العرب من
حازم البقمي وهو من نسل عامر بن حوالة بن الهنو بن الأزد وهو القابض على الصعلوك الشنفري.
الشاعر الجاهلي عبد الله بن سلمة الغامدي أحد شعراء المفضليات المخضرمين.
السموأل الأزدي وهو شاعر عربي مشهور في الجاهلية.
ربيعة بن مهرب الغامدي ، أحد شعراء الجاهلية.
جواس بن حيان الأزدي ، شاعر جاهلي.
لمس بن سعد البارقي الأزدي صاحب حلف الفضول.
قيس بن الخطيم الأزدي شاعر من صناديد العرب في الجاهلية وأشد رجالها.
عبد العزى بن مسروح بن جبير، شاعر وفارس جاهلي وهو الذي هزم أحد كتائب أبرهة الحبشي أثناء مرورها من سراة الحجاز إلى مكة.

من صحابة الأزد :
عبد الله بن حوالة الأزدي وهو من نسل حوالة بن الهنو بن الأزد وهو راوي حديث (لتكونن جند مجندة).
سلمة بن الأكوع من الأزد وكان يسبق الخيل برجليه.
عمران بن حصين وهو من خزاعة.
أم المؤمنين جويرية بنت الحارث الخزاعيه.
أم معبد خير من وصف الرسول صلى الله عليه وسلم من خزاعة.
معبد بن أكثم وهو من خزاعة.
المهلب بن ابي صفرة وهو من أزد العتيك من الدواسر.
الحارث بن الحارث الغامدي وهو من غامد.
مُدرك بن الحارث الغامدي وهو من غامد.
أبو هريرة وهو من دوس من زهران.
علقمة بن جنادة بن عبد الله الحجري أمير البحر المتوسط من رجال الحجر المقصود بني شهر بني عمرو بللحمر بللسمر حالياً.
أم أبان وهي من دوس من زهران زوجة ذو النورين.
أم شريك وهي من دوس من زهران زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم.
سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج.
صرد بن عبد الله الأزدي أمير الأزد من رجال الحجر المقصود بني شهر بني عمرو بللحمر بللسمر حالياً.
عياض بن سعيد بن جبير بن عوف الحجري من رجال الحجر  بني عمرو بللحمر.
عبد الله بن رواحة وهو من الخزرج.
عبادة بن الصامت وهو من الخزرج.
سعد بن عبادة وهو من الخزرج.
أبو ظبيان الأعرج وهو من غامد.
عياض بن سفيان بن جبير بن عوف الحجري من رجال الحجر.
أسعد بن زرارة وهو من الخزرج.
أبو سعيد الخدري وهو من الخزرج.
معاذ بن جبل.
البراء بن مالك وهو من الخزرج.
أبو أيوب الأنصاري.
الحكم بن المغفل وهو من غامد.
جندب بن كعب وهو من غامد.
أبو الأزور الأحمري من رجال الحجر المقصود.
الحارث بن عبد الله وهو من دوس من زهران.
جندب بن عمرو وهو من دوس من زهران.
شعيب بن الحبحاب وهو من زهران.
أسيد بن حضير وهو من سادة الأوس في الجاهلية.
البراء بن مالك وهو من الخزرج.
العباس بن قيس الحجري من رجال الحجر.
سفيان بن عوف وهو من غامد.
الطفيل بن عمرو من سادة دوس من زهران.
جندب بن زهير وهو من غامد.
مخنف بن سليم وهو من غامد وهو زعيم الأزد في الكوفة.
زهير بن سليم وهو من غامد.
عروة البارقي وهو من بارق.
عرفجة بن حرثمة البارقي وهو من بارق.
إهبان بن عياذ وهو من خزاعة وهو الذي كلمه الذئب.
بديل بن ورقاء وهو من خزاعة.
ذو الشمالين وهو من خزاعة.
عمرو بن سالم وهو من خزاعة.

علماء من الأزد :
المبرد العالم النحوي.
نعيم بن حماد شيخ البخاري.
العالم العربي الشهير جابر بن حيان.
الفلكي وعالم الرياضيات إبن البناء المراكشي.
إبن دريد.
الخليل بن أحمد الفراهيدي من قبيلة فراهيد أحد قبائل زهران.
إبن سلامة الطحاوي الحجري الأزدي الفقية صاحب العقيدة الطحاوية من رجال الحجر.
سعيد بن بشر العامري الحجري من رجال الحجر.
الإمام أحمد بن نصر الخزاعي.
محمد بن عبد الله الزهراني شيخ الامام النسائي.
عبد الغني بن سعيد العامري الحجري.
علي بن عبد الغني بن سعيد الحجري من رجال الحجر.
عالم العربية ، واللغة ، والحديث ، إبراهيم بن نِفْطَوَيْه العتكي الأزدي ، من الدواسر.
العلامة الكبير والمفتي الخبير الشيخ الشهير أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة السليمي الازدي من بني سليمة أحد قبائل زهران.
صاحب لسان العرب ابن منظور الأنصاري الأزدي.
المؤرخ أبو مخنف لوط بن يحيى بن ثعلبة الغامدي ، من أشهر علماء السير والأخبار له مؤلفات كثيرة في الحوادث الإسلامية في القرنين الأول والثاني الهجري.ولد بالكوفة وتوفى في العراق سنة 157 هــ.
الشيخ العلامه الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية من آل شماس من قبيلة الوداعين إحدى قبائل الدواسر الأزدية.

ألقاب ملوك الأزد :
الألقاب تطلق على أصحابها لأدنى سبب سواءً أفادت مدحًا أو ذمًا، رفعة أو ضعة، تشريفًا أو تعريفًا، لذا ترد في كتب الأعلام والتراجم، بالإضافة إلى كتب التاريخ والسير الكثير من الألقاب لأشخاص لهم مكانتهم في المجتمع العربي سواء كان في الجاهلية أو الإسلام، ولأهميتها خصها العلماء بمزيد عناية فألفت فيها مؤلفات مستقلة ككتاب الألقاب لابن زبالة (ت200هـ) وكتاب مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي، وكتابي نزهة الألقاب وألقاب الرواة للحافظ ابن حجر وغيرها.

لذا نجد كثيراً من ملوك العرب في الجاهلية يلقبون بألقاب ومن ثم يُعرفون بها فتلزمهم، بل قد تطغى على أسمائهم فتجهل لما تحمل الألقاب في الغالب من معاني الفخر والمدح اللذين يفضلهما الملوك فيتسابق الشعراء في إيرادها بقصيد المديح لهم، ومن أولئك الملوك (ملوك الأزد في اليمن) وعلى رأسهم عمرو بن عامر (مزيقياء) وآباؤه.

واللقب يعرف بأنه: (ما يسمى به الإنسان بعد إسمه العلم من لفظ يدل على المدح أو الذم لمعنى فيه) (1)..

وفي المعجم (2): اللقب: اسم وضع بعد الاسم الأول، للتعريف، أو التشريف، أو التحقير، والأخير منهي عنه وفي التنزيل العزيز (ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب) وجمع اللقب ألقاب، ويقال في المثل: (الجار أحق بصقبه، والمرء أحق بلقبه) (3).

وقبل الحديث عن ألقاب عمرو بن عامر أرى من الضروري معرفة نسبه ثم التطرق إلى ألقابه ومعانيها وشواهدها الشعرية وكذا ألقاب أبائه وبعض أبنائه.

أولاً: نسبه:
هو عمرو (مزيقياء) بن عامر(ماء السماء) بن حارثة (الغطريف) بن إمرئ القيس (البطريق) بن ثعلبة (البهلول) بن مازن (زاد الركب) بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

قال الصحاري: (وكان يقال مازن أرباب الملوك، والأزد أسد البأس، وتسمى أسد الله، وتسمى السنية) (5)،

وفي ذلك يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه (ت 45 هـ):

يمانيـون تدعونـا سبـأ فنجيبهـا
إلى الجوهر المكنون خير الجواهر
ونحن ملوك الناس من عهـد تبـع
إذ الملك في أبناء عمرو بن عامر

ويقول أيضاً رضي الله عنه:

ألم ترنا أولاد عمرو بن عامر
لنا شرف يعلو على كل مرتقِ
ملوك وأبناء الملـوك كأننـا
سواري نجوم طالعات بمشرق

ويقول النجاشي قيس بن عمرو الحارثي (ت 49 هـ):

متـوجُ آبــاء كــرام أعــزة
إذ الملك في أولاد عمرو بن عامر

ويقول شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ):

من آل غسان سادات الملوك وما
يقال في غيرهم سـادات أقيـال

وقال حسان وقيل لغيره وهو عند السهيلي ولم ينسبه لقائله (6):

أولاك بنو ماء السماء توارثوا
دمشقاً بملك كابراً بعد كابـر

ثانياً: ألقاب عمرو بن عامر

1- مُزَيقِياء:
وهو لقبه المشهور به ومزيقياء: ( لُقّب عمرو بذلك لأنه كان من ملوك اليمن، وكان يلبس كل يوم حلتين فيمزقهما بالعشي ويكره أن يعود فيهما، ويأنف أن يلبسهما أحد غيره) (7).
وقيل سمي بذلك (لأنه كان يمزق كل يوم حلة لا يعود إلى لبسها ثم يهبها(8)، وعند ابن الجوزي: (مزيقياء: لقب عمرو، وإنما لُقِّب مزيقياء لأنه كان يتخذ كل يوم حُلتين مِن حُلل الملوك، فإذا أمسى مزقهما واستبدل بهما من الغد أخريين لأنه لم يكن يرى أحداً أهلاً أن يلبس ثيابه) (9) فصار يضرب به المثل المشهور: (أعظم في نفسه من مزيقياء) (10)
وحول تمزيق الحلة يقول أحد أحفاده وهو عبدالله بن محمد بن أبي عينية بن المهلب مفتخراً بفعل جده مزيقياء (11):

أنا ابن مزيقياء عمرو إليـنا
تناهى المجد والحسب اللباب
تمزق كلمـا أمسـى ثيـاب
عليه وتستجـد لـه ثيـاب

والشواهد الشعرية على تلقيبه بمزيقياء كثيرة منها ما سبق، ومنها قول الصحابي أوس بن الصامت رضي الله عنه وقيل أخوه عبادة:

أنا ابن مزيقياء عمرو وجدي
أبوه عامـر مـاء السمـاء

أما عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فيقول:

أنا ابن مزيقياء عمرو نماني
على أشراف أطواد الجبال
ومن ماء السماء ورثت جداً
فدوني كل فخر واختيـال


2- القَمْقَام:
ومعناه في اللغة: (السيد الجامع للسيادة الواسع الخير) (12) وقيل: (القمقام والقماقم: من الرجال: السيد الكثير الخير الواسع الفضل) (13) وحول هذا المعنى يقول أبو فراس الحمداني (ت 357 هـ):

ولا السيد القَمْقَام عندي يسيد
إذا إستنزلته عن علاه الرغائب

يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه حول تلقيب عمرو بالقمقام:

ألم ترنا أبناء عمرو بن عامـر
لنا شرف يربى على كل مرتق
ملوك وأبناء الملـوك كأنهـم
سواري نجوم تاليـات ونفـق
كجنفة والقمقام عمرو بن عامر
وأبناء ماء المزن وابني محرق

3- البُهلول:
قال الزركلي: (ومزيقياء: يقال له: البهلول، وهو جدّ الأنصار) (14)، ومعنى البهلول في اللغة: (السيد الجامع لصفات الخير، المرح الضحاك) (15)، وقيل البهلول هو: (العزيز الجامع لكل خير والحيي الكريم) (16)، وقيل البهلول: (الحيي الكريم والجمع البهاليل) (17)،

ومنه قول الحافظ ابن حجر يمدح بني العباس:

أصبح الملك ثابت الأساسي
بالبهاليل من بني العبـاس

قال حسان بن ثابت رضي الله عنه، وقيل عمرو بن حرام جد حسان، حول تلقيب عمرو بالبهلول:

ورثنا من البهلول عمرو بن عامر
وحارثة الغطريف مجداً مؤثـلا

4- مباري الريح:
المباراة بمعنى المساواة والمجاراة على وجه المقاربة. ومباري الريح أي مساويها في الكرم والسخاء، وحول هذا المعنى يقول الشاعر أبو تمام يمدح ممدوحه ويشبهه بالريح:

أنت المباري الريح في نفحاتها
والمستهين مع الندى بملامـه

يقول الصحابي كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه حول تلقيب عمرو بمباري الريح:

ألا أيها السائلـي عـن عشيرتـي
هلم إلى أهـل المكـارم والفخـر
أنا ابن مباري الريح عمرو بن عامر
نموت إلى قحطان في سالف الدهر
نصرنا رسول الله إذ حـل وسطنـا
ببيض اليمانـي والمثقفـة السمـر

يقول الهاشمي مفسراً لهذه الكلمة: (مباري الريح: كناية عن الكرم وقد عرف عنه أنه من أجواد العرب المعروفين بالسخاء والشجاعة) (18) وتقول ليلى بنت الخطيم الأنصارية رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم عندما سأل من أنتِ قالت: (أنا بنت مطعم الطير ومباري الريح) (19).

5- الملطوم:
(مفعول اللطم: وهو من ضُرب خده بالكف مفتوحة) (20)، وهو لقب عمرو مزيقياء وسبب تلقبيه بهذا للقصة المشهورة بينه وبين أحد أبنائه في خبر الخروج من مأرب. قال اللغوي نشوان بن سعد الحميري (ت 573 هـ): (الملطوم: عمرو بن عامر الأزدي ثم ذكر قصة سد مأرب وبيع الضياع قبل انهياره...)(21)، ويقول محمد بن أبي الفتوح اليماني (من أعلام القرن التاسع): (عمرو بزيادة الواو الملقب بمزيقياء.....ويقال له الملطوم أيضاً؛ لأن ابنه لطمه في قضية) (22).

ثالثاً: ألقاب آباء عمرو بن عامر:

عامر بن حارثة:
يلقب بماء السماء وهو اللقب المشهور به، ويقال له أيضاً ماء المزن والمعنى في اللقبين واحد، وذلك لأنه يقوم مقام الغيث في الجدب بأمواله. وعند ابن رشيق: (سمى عامر: ماء السماء، لأنه كان يجيء في المحل فينوب عن الغيث بالرفد والعطاء...) (23)، وعند وهب ابن منبه: (وكان اسم عامر ماء المزن لأنه كان إذا نزل بقومه جدب فتح بيوت أمواله وعالهم حتى يخصبوا ويقوم لهم مقام المطر، وكانوا يُقولون:

كفانا عامر قحطنا ، فهو ماء المزن لنا 24

وحول هذا المعنى أيضاً يقول ناصح الدين الأرجاني (ت 544 هـ):

نحن بنو ماء السماء الـذي
يخلفه في المحـل جـدواه
إن حبس القطر على مجدب
كفـاه أن تطـلـق كـفـاه

وعندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هاجر: (قَالَ أبو هُرَيْرَة فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاء السَّمَاء) (25).

قال القاضي عياض رحمه الله معلقاً: (والأظهر عندي المراد بذلك الأنصار خاصة ونسبتهم إلى جدهم عامر بن حارثة.. وكان يعرف بماء السماء، وهو المشهور بذلك، والأنصار كلهم من ولد حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر) (26).

ويقول الشاعر سليمان بن سليمان النبهاني العماني (ت 910هـ):

وحارثـة البطريـق منـا وعامـر
وعمرو بن ماء المزن كهف الأرامل

ويقول النبهاني أيضاً:

بني عامر ماء السماء ومالك
لنا بيت عز تعاطاه يقصـر

ويقول أوس بن الصامت رضي الله عنه:

انا ابن مزيقياء عمرو وجدي
أبوه عامـر مـاء السمـاء

حارثة بن امرئ القيس: له عدة ألقاب وهي :

1- الغِطْرِيف:
وهو أشهر ألقابه، قال إبن رشيق:(.. حارثة الغطريف ابن امرئ القيس..)(27)، وقال السهيلي: (وَحَارِثَةُ بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ: وَهُوَ الْغِطْرِيفُ)(28) وقال الصالحي: (يلقب حارثة بالغطريف - بغين معجمة مكسورة فطاء مهملة ساكنة فراء مكسورة وفي آخره فاء وهو في اللغة السيد وفرخ البازي) (29) ( وجمع الغطريف الغطاريف ومعناه: الفتى الجميل، وقيل هو السخي السري الشاب) (30)، وقيل: السيد الشريف، قال الشاعر: (بطريقها والملك الغطريف) (31)

يقول أحمد بن سعيد الخروصي الستالي (ت 676 ه):

غطارف من أبناء عمرو بن عامر
فروع لها طيب الأرومة والأهل
هم الجبل الأزدي يعتصم الورى
به ربيع الناس في الزمن المحل

ويقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

ورثنا من البهلول عمرو بن عامر
وحارثة الغطريف مجداً مؤثـلا

ويقول أيضاً:

وحارثة الغطريف أو كابن منذر
ومثل أبي قابوس رب الخورنق

2- البطريق:
قال الصالحي عن حارثة هو: ( البطريق وهو القائد من قواد الروم وهو معرب، والجمع بطارقة) (32). وقيل البطريق: القائد الذي يقود عشرة آلاف رجل، وقيل هو الرجل المختال المزهو، وقيل هو الوضيء المعجب ولا توصف به المرأة (33).

يقول النبهاني:

وحارثة البطريق منـا ومـازن
أبو الخير زاد الركب كنز لمقتر

ويقول أيضاً:

وحارثـة البطريـق منـا وعامـر
وعمرو ابن ماء المزن كهف الأرامل

امرؤ القيس بن ثعلبة: له عدة ألقاب منها:

1- البطريق: وهو لقبه المشهور به، والبطريق بالكسر: لقب امرئ القيس بن ثعلبة البهلول بن مازن بن الأزد كما حكاه الزبيدي(34). وعند إبن رشيق:(..إمرئ القيس البطريق بن ثعلبة..) (35). وقال عنه علي بن أبي بكر الخزرجي (ت 812 هـ).. امرؤ القيس: البطريق بن ثعلبة... (36)، ومعناه كما مرّ سابقاً مما يغني عن إعادته أيضاً.

2- البهلول: قال السهيلي: (امرؤ القيس: وهو البهلول بن ثعلبة) (37)، ومعناه كما مرّ سابقاً مما يغني عن إعادته.

ثعلبة بن مازن

1- البهلول: وهو لقب ثعلبة المشهور به، قال الصالحي عنه: (يلقب بالبُهلول بباء موحدة مضمومة وهاء ساكنة وهو في اللغة السيد) (38)، وقال ابن رشيقة (.. ثعلبة البهلول، بن مازن...)(39)، وقد مر معنا معنى البهلول مما يغني عن إعادة شرحه.

2- الصنم:
وذلك لجماله وحسنه، قال ابن رسول: ثم ولي بعد مازن ابنه ثعلبة وكان يسمى الصلم (؟) لحسنه (40)، وعند السهيلي في أربعة مواضع الصنم وهو الصحيح، قال: (امرؤ القيس بن ثعلبة الصنم بن مازن السراج.. ويقال لثعلبة أبيه الصنم) (41)، ومعنى الصنم: حسن التصوير، ويقال صنم الصورة إذا حسن تصويرها (42).

مازن: وهو المعني بقول الشاعر

ما الأزد إلا مازن لا لا ولا
همدان إلا حاشد وبكيل

وألقابه:

1- غسان: لقب أطلق على بعض ذريته فنسب إليه، قال التلمساني: (ومن الأزد من ينتسب إلى غسان وهم بنو مازن بن الأزد، وغسان ماء شربوا منه) (43)، وعند الصحاري: (مازن زاد الراكب وهو غسان بن الأزد) (44).

يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

إن كنت سائلة والحق مغضبة
فالأزد نسبتنا والماء غسـان

وفيهم يقول شرف الدين الحلي (ت 627 هـ):

شم الأنوف إلى غسان نسبتهـم
أكرم بتلك الأنوف الشم والنسب

2- السراج: قال النويري: (مازن هو السراج) (45) وعند الزبيدي (مازن السراج بن الأزد) (46)، وفيه يقول الشاعر (47):

بمأرب يقضي ما يشاء ويقتضي
أموراً علينا في الحكومة مـازن
سراج منير فـي ظـلام دجنـة
ويمضي له في ظاهر الحق باطن

3- زاد الركب وزاد السفر وزاد المسافر: قال ابن منظور: (مازِنٍ زادِ الرَّكْب وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ) (48) ويقول النبهاني العماني حول تلقيب مازن بزاد الركب وهو لقبه المشهور به :

وحارثة البطريق منا ومازن
أبو الخير زاد الركب كنز المقتر

يقول الخزرجي: (ثعلبة البهلول ابن مازن زاد السفر....) (49)

4- قاتل الجوع: قال إبن رشيق: (..مازن قاتل الجوع، بن الأزد) (50)، وقال الخزرخي: (مازن.... ويقال قاتل الجوع) (51). ويلقب أحد أحفاده بقاتل الجوع أيضاً، وهو امرؤ القيس بن كعب بن عمرو مزيقياء بن عامر، وهو القائل:

قتلت الجوع في الشتوات حتى
تركت الجوع ليس لـه نكيـر(52)

رابعاً: ألقاب بعض أبناء عمرو بن عامر:

1- عمران:
وهو عمران بن عمرو ويسمى الوضاح، قال الصحاري: (عمران الوضاح بن عمرو مزيقياء) (53).. ومعنى الوضاح في اللغة: شديد البياض، وهو الأبيض اللون الحسنُه.

2- الأسد:
وهو الأسد بن عمران بن عمرو، ويلقب بدوسر، قال ابن الكلبي: (هؤلاء بنو الأسد بن عمران بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء يقال للأسد الدوسر)وهو جد قبيلة الدواسر الزايدية العتكية الأزدية القحطانية (54).

ومما يؤيد قوله قصيدة أحد أبنائهم ثابت قطنة التي قالها مفتخراً بقومه لما أنجدوا مدرك بن المهلب العتكي الأسدي (الأسد بن عمران بن عمرو) من حصار بني تميم له (55):

ألم تر دوسراً منعت أخاهـا
وقد حشـدت لمقتلـه تميـم
رأوا من دونه الزرق العوالي
وحيا لا يبـاح لهـم حريـم
شنؤتها وعمران بن عمـرو
هناك المجد والحسب الصميم
فما حلمـوا ولكـن نهنهتهـم
رماح الأزد والعـز القديـم
رددنا مدركاً بمـرد صـدق
وليس بوجهـه منكـم كلـوم
وخيـل كالقـداح مسومـات
لدى أرض مغانيهـا الجميـم
عليها كـل أصيـد دوسـري
عزيـز لا يفـر ولا يـريـم
بهم تستعتب السفهـاء حتـى
ترى السفهاء تردعها الحلوم

ومن أسماء الأسد: الدوسر، فقد أورد الزبيدي في تاجه: أن الدوسر هو الأسد الصلب الموثق الخلق، واستشهد بقول الشاعر القديم وهو يصف أسداً:

عبل الذراعين شديد دوسر(56)،

وجاء في الموسوعة: الدوسر هو الأسد، ووادي الدوسر (وادي السباع) (57). وإلى الأسد بن عمران هذا ثم إلى جده عمرو بن عامر الملطوم ينتمي آل زايد الدواسر القبيلة المعروفة اليوم في أواسط نجد وجنوبها والذي كثيراً ما يفتخرون به في أشعارهم وأخبارهم...

ومن أبرز الألقاب التي تشتهر بها قبيلة الدواسر اليوم وهي حفدة أولاءك الملوك: وسامة عصا الجار - أهل الرماح الجريد والزرق البعيد - خطلان الأيدي - أولاد زايد - ودّاية جارها من جدارها - مقيدة الجمل - العصاة وغيرها.

 الهوامش
(1) التعريفات للجرجاني ص 136
(2) المعجم الوسيط، إبراهيم مصطفي وإخوانه (2-833).
(3) أساس البلاغة(1-427)، وتاج العروس(1- 946).
(4) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام جواد علي (1-1683).
(5) الروض الآنف للسهيلي (1-184).
(6) الأنساب للصحاري (1-173)، والمفصل جواد علي (1-2179).
(7) سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي(3-182).
(8) ابن رشيق القيرواني العمدة في محاسن الشعر وآدابه (1-1217).
(9) المنتظم لابن الجوزي(1-129).
(10) المستقصى في أمثال العرب للزمخشري(1- 48)، ومعجم الأمثال العربية خير الدين شمسي باشا (1-414).
(11) معجم الأمثال العربية خير الدين شمسي باشا (1-414).
(12) المعجم الوسيط (2-760).
(13) لسان العرب ابن منظور (12-493).
(14) الأعلام للزركلي (5-80).
(15) المعجم الوسيط (1-74).
(16) لسان العرب ابن منظور (11-71).
(17) تاج العروس الزبيدي (1-6899).
(18) كعب بن مالك الأنصاري الصحابي الشاعر د- محمد على الهاشمي ص 139.
(19) الطبقات الكبرى لابن سعد (8-150).
(20) المعجم الوسيط (2-827).
(21) منتخبات في أخبار اليمن لنشوان الحميري ص 95.
(22) النفحة العنبرية في أنساب خير البرية لمحمد بن أبي الفتوح اليماني ص 197.
(23) العمدة في محاسن الشعر وآدابه لابن رشيق القيرواني(1-189)، خزانة الأدب لعبد القادر البغدادي(1-267).
(24) كتاب التيجان في ملوك حمير ص 273.
(25) صحيح البخاري رقم (5084).
(26) فتح الباري لابن حجر (1-185).
(27) العمدة في محاسن الشعر وآدابه لابن رشيق القيرواني (1-189).
(28) الروض الأنف (1-184).
(29) سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي (3-182).
(30) لسان العرب لابن منظور (9-269).
(31) العين للخليل بن أحمد (8-465).
(32) سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي (3-182).
(33) تاج العروس للزبيدي (1-6212)، والمخصص لابن سيده (3-49).
(34) تاج العروس (1-6213).
(35) العمدة في محاسن الشعر وآدابه لابن رشيق القيرواني (1-189)،خزانة الأدب لعبد القادر البغدادي (1-267).
(36) العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية لعلي بن الحسين الخزرجي (1-8).
(37) الروض الآنف للسهيلي(1-74).
(38) سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي (3-182).
(39) العمدة في محاسن الشعر وآدابه لابن رشيق القيرواني(1-189).
(40) طرفة الأصحاب لابن رسول ص 141 (ضمن رسائل الكمالي رقم 9).
(41) الروض الآنف للسهيلي (1-74).
(42) الاشتقاق لابن دريد (1-130).
(43) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للتلمساني (1-293).
(44) الأنساب للصحاري (1-201).
(45) نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري (2- 329).
(46) تاج العروس (1-6213).
(47) طرفة الأصحاب لابن رسول ص140(ضمن رسائل الكمالي رقم 9).
(48) لسان العرب لابن منظور (1-263).
(49) العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية لعلي بن الحسين الخزرجي (1-8).
(50) العمدة في محاسن الشعر وآدابه لابن رشيق القيرواني (1-189).
(51) العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية لعلي بن الحسين الخزرجي (1-8).
(52) نسب معد واليمن الكبير ابن الكلبي (1- 99)، المذاكرة في ألقاب الشعراء للنشابي الإربلي (1- 2).
(53) الأنساب للصحاري (2-117).
(54) نسب معد واليمن الكبير (2-177) تحقيق - محمود فردوس العظم.
(55) تاريخ الموصل لابن إياس ص 9، وتاريخ الطبري (6 - 586).
(56) حاشية الإكليل للهمداني (10 - 74) تحقيق - محب الدين الخطيب، وتاج العروس للزبيدي مادة (دسر) ص 402.
مراجع :
المنجد في الأعلام.
الإصابة في تمييز الصحابة للحافظ بن حجر العسقلاني.
أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير.
نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي.
تاريخ الرسل والملوك للطبري.
الكامل في التاريخ لابن الأثير.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم