16‏/02‏/2010

كتب قيمة في كلمات قليلة

طلب العلم عبادة


تاريخ النشوء
(هويمارفون ديتفورت)
رغم عدم قناعتنا ببعض ما ورد في الكتاب من منطلق ديني إلا أن القاريء يجب أن يكون على إطلاع بجميع مجالات العلوم وبكافة النظريات العلمية المختلفة.
يفتتح المؤلف الكتاب بحيلة شاهدها في أحد الأفلام حيث يدخل أحد الأشخاص المطاردين إلى قاعة مرايا فيقوم الشخص الذي يريد قتله بإطلاق النار على النسخ المتكررة التي تعكسها المرايا دون أن يعرف النسخة الحقيقية حتى تنفذ ذخيرته دون أن يصيب الهدف الحقيقي.
ومن هذه الطريقة التي تنم عن ذكاء عالي من الشخص المطارد والتي نفترض أنه لا يمكن أن يتوصل إليها إلا شخص يملك عقلاً راقياً يجيد التمويه وحساب الإحتمالات مثل العقل البشري ، يثبت لنا الكاتب بأن مثل هذه الحيلة قد قامت بها كائنات لا تملك أي نوع من أنواع الذكاء ، بل أنها لا تمتلك حتى المخ الذي يمكنه القيام بمثل هذا التفكير الراقي ، حيث يضرب الكاتب مثلاً بإحدى الحشرات وهي عبارة عن فراشة تعيش في الهند ، حيث تقوم بتطبيق نفس الحيلة التي توصل لها مخرج الفيلم ، فهي ونظراً لأنها تمر بفترة التشرنق حيث تصبح جامدة ولا حول لها ولا قوة فهي لا تستطيع الدفاع عن نفسها ولا حتى الحركة للهرب من الطيور التي تفترسها ، فإنها تقوم بتطبيق طريقة للإختباء تبدو على قدر مدهش من الرؤية المستقبلية الهادفة .
من المعلوم أن الورقة الخضراء المليئة بالسوائل تكون منبسطة ومرنة إلى درجة لا يمكن للفراشة معها أن تلفها لتصبح مناسبة كمغارة تختبئ فيها ، تحل الفراشة هذه المشكلة الأولى بطريقة بسيطة وهادفة بدرجة لا نستطيع أن نتصور أفضل منها : حيث تقوم أولاً بتثبيت الورقة بعناية على الجذع بواسطة خيوط (تخرجها من فمها) وتلفها حول طرف الورقة ثم تقوم بقص غصن الورقة الذي يربطها بالجذع لفصلها عنه ، كنتيجة لهذا الفصل تبدأ الورقع بالذبول ، ومن المعروف أن الورقة الذابلة تلتف حول نفسها ، بعد ساعات قليلة تحصل الفراشة على أنبوب مثالي لتدخل فيه وتختبيء ، حتى الآن لم تزل الطريقة جيدة ومدهشة ولكن كل هذا ماهو إلا البداية ، حيث تواجهها مشكلة جديدة ، صحيح أن الورقة اليابسة تؤمن للفراشة المأوى الذي يقدم لها على الأقل حماية ضد الرؤية ، ولكنها ستصبح متميزة عن جميع الأوراق الخضراء الأخرى ولافتة للنظر فوراً للعصافير التي تعيش على إلتهام هذه الحشرات ، ونظراً لأن العصافير لا يشغلها شاغل عن البحث عن الطعام طيلة النهار ، فإنها عاجلاً أو آجلاً ستفتش في هذه الورقة المميزة ، وعندها ستكتشف الفراشة وتلتهمها ، وبما أن العصافير تتعلم من تجاربها بسرعة ، فإنها ستركز بعد ذلك على هذا النوع من الأوراق اليابسة ضمن المحيط الأخضر ، فمهما بدت خدعة لف الورقة والإختباء بداخلها ذكية ومجدية ، فإنها تبدو الآن على أنها زادت المخاطر التي تحاول الفراشة تجنبها.
ماذا تستطيع أن تفعل الفراشة للخروج من هذا المأزق ، لنفترض أنها تستطيع أن تسألنا النصح فما هي النصيحة التي يمكننا أن نقدمها لها ، أعتقد أنه سيصعب على أغلبنا إيجاد مخرج مقبول لهذه الحالة وإعطاء نصيحة مفيدة .
إلا أن الفراشة حلت أيضاً هذه المشكلة بطريقة ذكية وفعالة ، ويشبه الحل الذي طبقته الحشرة الطريقة التي إتبعها مخرج الفيلم ليبهرنا بإكتشافه طريقة ذكية لم تخطر على بال أحد ، تقوم الفراشة بكل بساطة بقضم خمس أو ست ورقات أخرى وتثبيتها على الأغصان بجانب الورقة التي ستختبئ فيها ، بذلك يصبح هناك ست أو سبع ورقات يابسة ملفوفة معلقة بجانب بعضها البعض ، ولكن واحدة منها فقط تحتوي الفراشة كفريسة محتملة ، أما الأوراق الأخرى فهي فارغة وموجودة لغرض التمويه فقط .
لنفترض أن هذه الأوراق اليابسة أثارت إنتباه أحد العصافير وبدأ بتفتيشها ، عندها ستكون فرصته بأن يصادف الحشرة في المحاولة الأولى 6:1 ، هذه الدرجة من التأمين ضد المخاطر تمنح الفراشة الساكنة والفاقدة الوعي طيلة مرحلة التشرنق ميزة حاسمة في معركة البقاء ، وكلما إصطدم العصفور بورقة فارغة تناقص إهتمامه للبحث مستقبلاً في الأوراق اليابسة .
إلا أنه حتى لو وجد الفراشة في مرة من المرات ، فإنه سيصاب بخيبات أمل متلاحقة في المرات اللاحقة ، عندها تكون إحدى الفراشات قد ألتهمت ، ولكنها حمت بقية الفراشات الأخرى التي تختبئ بنفس الطريقة.
فكيف تمكنت الفراشة من القيام بمثل هذه الحيل التي تنم عن الذكاء رغم عدم إمتلاكها للمخ المتطور.
يورد الكاتب هذا المثال للتأكيد على مبدأ من أهم المبادئ التي يحاول التأكيد عليها في كتابه وهي أن :
("الذكاء وجد قبل أن يوجد العقل").
ولكننا بثقافتنا المركزية التي نعتقد فيها بأننا مركز الكون وأرقى المخلوقات وغاية الخلق نعتقد بأن الذكاء لم يخلق إلا بعد أن خلقت أدمغتنا المتطورة لتنتجه وتحتويه وهذا غير صحيح كما يؤكد الكتاب ، فالذكاء في كل جزء من الطبيعة بل في الطبيعة نفسها قبل أن تخلق أقدم العقول.
ثم يستمر الكاتب في سرد تاريخ النشؤ وظهور الحياة ومراحل الخلق وتطور المخلوقات على كوكب الأرض.
نبذة عن الكتاب :
إعتمد المؤلف في هذا الكتاب على نتائج جملة من العلوم في مقدمتها الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والفلك والرياضيات والفيزيولوجيا والجيولوجيا والفلسفة والمنطق ، لكي يصمم "تاريخاً للنشوء" يعتمد في مجمله على مقولة هيراقليط الشهيرة : كل شيء يجري ، فأنت لا تغتسل في نفس النهر مرتين.
لم يكن الكون ، بما في ذلك كرتنا الأرضية وما عليها من أحياء وأشياء، منذ الأزل كما هو عليه اليوم، بل إن الوجود هو سلسلة متصلة من الصيرورة الدائمة ، أي أن للكون تاريخاً وللحياة تاريخاً.
متى وكيف بدأ هذا التاريخ وكيف سار منذ "البدء" حتى الآن وكيف سيسير عبر المستقبل؟
هذه هي الحكاية التي يرويها هذا الكتاب ، وهذا هو المبنى العملاق الذي يشيده حجراً فوق حجر معتمداً على القواعد التالية : 1- القوانين الطبيعية ، 2- قانون السببية ، 3- قوانين المنطق ، 4- مبادئ ميول الطبيعة : ميلان رافقا الطبيعة منذ نشوئها ((الميل إلى الإتحاد ، والميل إلى الإستقلال)).
في البدء كان الهيدروجين وكانت قوانين الطبيعة ، وكان المكان وكان الزمان ، يعرض ديتفورت هذا التاريخ بطريقة الحكاية الممتعة التي تحتوي الحقائق العلمية الكثيرة وتثير الخيال والدهشة ويكثف نتائج مختلف العلوم ، بطريقة ذكية وموضوعية وممتعة ، ويقدم عرضاً شاملاً عن نشوء وتطور ومستقبل المادة والحياة والحضارة البشرية ، إنها سيرة ومسيرة ثلاثة عشر مليار سنة ، إبتداءً من الإنفجار الكوني الكبير ، إلى نشوء الأرض و كارثة الأوكسجين العظمى وخلق الدم الدافىء الذي مثل مقدمة ظهور الوعي البشري ، حتى مرحلة إمكان الإتصال بين الكواكب والمجرات ، وفي هذه السيرة العلمية الدقيقة والمذهلة والشيقة ، يبرز لدى المؤلف دور العقل الذي كان حاضراً دائماً ، وقادراً بمشيئة الله على تنظيم هذا الكون العقلاني بكل ما فيه ، ومن هنا تأتي فرضية هذا الكتاب ، "لقد وجد العقل قبل أن يوجد الدماغ" ، لقد وصف هذا الكتاب بأنه ذا قيمة عالية ، وأنه سينشر بين الناس وعياً علمياً متغيراً سيحدث على أفكارهم تأثيراً لايقل عما أحدثته مقولات بطليموس و كوبرنيكوس ، ومن أهم موضوعات الكتاب : منذ الإنفجار الكوني الأول حتى نشوء الأرض - نشوء الحياة - من الخلية الأولى حتى إحتلال اليابسة - إختراع الدم الدافىء و نشوء الوعي - تاريخ المستقبل.
محتويات الكتاب بإختصار :
ضروف نشأة الأرض (نشوء الغلاف الجوي) :
لم يكن سطح الأرض وجوها كما يبدو عليه اليوم ، بل أنه في ذلك الوقت عند بداية تكون الكوكب قبل حوالي 5 مليارات عام كان أشبه بسطح الزهرة في الوقت الحاظر حيث الحرارة الشديدة وإنعدام الغلاف الجوي ، ونظراً لتسرب بخار الماء من باطن الأرض ، فإنه قد نشأ غلاف جوي يتكون من بخار الماء الكثيف الذي يعود للهطول على سطح الأرض كقطرات من المطر ، إلا أنه ما أن يلامس هذا السطح الذي تبلغ درجة حرارته ما يزيد عن 100 درجة حتى يتبخر مرة ثانية ويعود إلى الجو دون أن يبلل الأرض وكأنه سقط على سطح صفيح ساخن ، وبتكرار هذه العملية فإن سطح الأرض بدأ يبرد ، وعندها بدأ الماء يستقر على سطح الأرض الذي إنخفضت درجة حرارته إلى مادون درجة الغليان ، مشكلاً المحيطات الأولى ، أما الغلاف الجوي فإنه لم يكن يحتوي على الأكسجين في ذلك الوقت ، بل كان يتكون من خليط من بخار الماء ، والهيدروجين ، والآزوت ، وثاني أكسيد الكربون ، والميثان ، والأمونياك ، وهذه هي الغازات التي إنطلقت من باطن الأرض الملتهبة لتشكل أول غلاف جوي لكوكبنا ، ولم يكن يوجد من بينها الأكسجين الحر..
يتبع إنشاء الله،،،

0 التعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم