22‏/12‏/2009

سبأ

سبأ



مملكة سبأ هي مملكة قديمة امتدت من شواطيء البحر الاحمر و الحبشة وضمت جنوب جزيرة العرب حيث تقع اليمن في أيامنا هذه واستمرت حتى إستيلاء الدولة الحميرية عليها في أواخر القرن الثالث بعد الميلاد، بدأت المملكة بالازدهار حوالي القرن الثامن ق.م.


لوح من المرمر يعود لمملكة سبأ للقرن الثامن قبل الميلاد
محفوظ في متحف اللوفر و يتحدث عن أله القمر لدي العرب القدامى
إشتهرت سبأ بغناها وقد تاجرت بالعطور والدرر و البخور و اللبان . وقد ذكر إنتاجها للعطور في عدة مصادر مثل العهد القديم والإلياذة. وقد ذكرت سبأ في القرأن الكريم ولها سورة بأسمها فيه ، وذلك لكثرة القصص عنها ، وأشهرها قصة بلقيس بسليمان عليه السلام ، وقصة السد العظيم وسيل العرم.



التاريخ
مملكة " سبأ " لم يرتبط تاريخ اليمن السحيق بإسم مملكة من الممالك القديمة مثلما إرتبط بإسم سبأ التي ورد ذكرها في الكتب السماوية، وحيكت حولها الأساطير، والحكايات والقصص، لتتبدى من خلال الكم المتراكم عبر القرون من الصور والتداعيات والأخيلة العالقة في الوجدان الشعبي وأعمال العديد من الفنانين رمزاً تتزاوج فيه معالم الجمال الفاتن، والرخاء العميم، والثروة الوفيرة والقوة المنيعة.
نشأت مملكة سبأ قبل القرن العاشر ق.م وكانت عاصمتها مدينة مأرب، وقد تمكن ملوكها حوالي منتصف القرن الثامن ق.م من بناء السد المشهور بسد مأرب ومن إنشاء علاقات تجارية مع شواطئ أفريقيا ومع بلدان بعيدة مثل الهند وبلاد اليونان، كما إستوطن السبأيون مناطق في أفريقيا وأنشؤوا فيها ممكلة خاضعة لهم عرفت باسم «مملكة الأكسوم».



يعتقد أن السبأيون عاشوا شمال اليمن في صحراء الجزيرة العربية ومن ثم هاجروا واستقروا في اليمن واختلطوا بالمعينيين سكنة اليمن القدماء وثم تمكنوا من الإستيلاء على السلطة.



بقي تاريخ نشوء حضارة سبأ موضع خلاف حتى الآن، فالسبئيون لم يشرعوا بكتابة تقاريرهم الحكومية حتى سنة 600 قبل الميلاد، لذلك لا يوجد أي سجلات سابقة لهذا التاريخ، ويعتقد أن السبأيون قد أسسوا مجتمعهم ما بين 1100-1000 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والدولة الحميرية.



دلائل وشواهد من التاريخ
يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، في تلك السجلات يشير الملك الآشوري في سجلاته التي دون فيها الأمم التي كانت تدفع له الضرائب إلى ملك سبأ "إيت عمارا". هذا أقدم مصدر يشير إلى الحضارة السَّبئية، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد، لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ. ورد في نقوش أراد نانار، أحد ملوك مدينة أور المتأخرىن، كلمة "سابوم" والتي تعني "مدينة سبأ" ، وإذا صح تفسير هذه الكلمة على أنها مدينة سبأ، فهذا يعني أن تاريخ سبأ يعود إلى 2500 قبل الميلاد.



يقول "روبان " أن أقدم الشواهد على وجود مملكة سبأ تعود إلى بدايات حضارة جنوب الجزيرة العربية، ففي أقدم النصوص المكتشفة في اليمن التي تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، نجد أسم "سبأ" في صفات الملوك المعروفين بـ" مكرب سبأ"، وهي النصوص الأولى التي تتميز بقصرها، والمنحوتة على الحجر تخلد الانتهاء من أعمال التشييد بتقديم الأواني الطقسية كقرابين، وكانت مملكة سبأ كانت آنئذ ثيوقراطية " دينية " تقوم على العبادة الجماعية لبعض الآلهة.
يشير"كريستيان روبان " عالم الآثار الألماني إلى أن كل الدلائل والشواهد الأثرية تؤكد أن السبئيين اتخذوا من منطقة مأرب عاصمة لمملكتهم "سبأ" وانحصار أراضي سبأ في الأصل بمنطقة مأرب، إلا أن مملكة سبأ توسعت في عهد الملك المشهور كرب أيلحوالي عام" 700- 680" قبل الميلاد لتشمل كل المناطق الغربية من اليمن، ثم انحصرت فيما بعد في منطقتي مأرب وصنعاء العاصمة السبئية الثانية والتي أنشأت حوالي القرن الأول الميلادي".



كان الجيش السبئي من أقوى جيوش ذلك الزمان، وقد ضمن لحكامه امتداداً توسعياً جيداً، فقد اجتاحت سبأ منطقة القتبيين، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية، وفي عام 24 قبل الميلاد وأثناء إحدى الحملات على المغرب، هزم الجيش السبئي جيش ماركوس إيليوس غالوس الروماني الذي كان يحكم مصر كجزء من الإمبراطورية الرومانية التي كانت أعظم قوة في ذلك الزمن دون منازع، يمكن تصوير سبأ على أنها كانت بلاداً معتدلة سياسياً، إلا أنها ما كانت لتتأخر في إستخدام القوة عند الضرورة.. لقد كانت سبأ بجيشها وحضارتها المتقدمة من " القوى العظيمة" في ذلك الزمان.


نموذج لعرش بلقيس

الخط السبئي
دلائل وشواهد من الحضارة السبئيه
فيما يتعلق بتميز النص السبئي عن غيره، قال "كريستيان روبان" يتم الحكم بالأصل السبئي للنص بالنظر إلى لغته، والآلهة الواردة فيه، وكذلك الأمكنة والمؤسسات خاصة التقويم الذي ينتمي إلى سبأ، مؤكداً أن إستخدام اللغة السبئية لوحده لا يكفي للحاكم بسبئية النص، فقد أُستخدمت اللغة السبئية من قبل مملكة حمير من 110 قبل الميلاد حتى 560 بعد الميلاد، ولإن هذا العام يؤرخ لآخر النصوص المكتوبة باللغة والأبجدية السبئية.



تقول المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الحضارة: أنها كانت أشبه بالحضارة الفينيقية، أغلب نشاطاتها تجارية، لقد سيطر هؤلاء القوم على الطرق التجارية التي تمر عبر شمالي الجزيرة، كان على التجار السبئيين أن يأخذوا إذناً من الملك الآشوري سيرجون الثاني حاكم المنطقة التي تقع شمالي الجزيرة، إذا ما أرادوا أن يصلوا بتجارتهم إلى غزة والبحر المتوسط، أو أن يدفعوا له ضريبة على تجارتهم، وعندما بدأ هؤلاء التجار بدفع الضرائب للملك الآشوري دُوِّنَ اسمُهُم في السجلات السنوية لتلك المنطقة.




يعرف السبئيون من خلال التاريخ كقوم ذوي حضارة عالية تظهر كلمات مثل "إسترجاع"، "تكريس"، "بناء"، بشكل متكرر في نقوش حكامهم، ويعتبر سد مأرب الذي كان أحد أهم معالم هذه الحضارة، دليلاً واضحاً على المستوى الفني المتقدم الذي وصل إليه هؤلاء القوم؛ إلا أن هذا لا يعني أنهم كانوا ضعفاء عسكرياً، فقد كان الجيش السبئي من أهم العوامل التي ضمنت استمرار هذه الحضارة صامدة لفترة طويلة.
ويؤكد الدكتور "كريستيان روبان" أن توفر موارد كبيرة من زراعة النباتات العطرية في صحراء جنوب الجزيرة، مثل اللبان الذي يوحد في حضرموت على وجه الخصوص والمر، وبعض المنتجات الهندية والأفريقية القيمة التي كانت تمر عبر الجزيرة العربية، مثل الذهب والعاج ودرق السلحفاة وأنواع مختلفة من الأخشاب النفيسة، فرضت سبأ نفسها كوسيط لا بد منه.
وعن تأثير سبأ على محيطها الإقليمي قال عالم الآثار الألماني: "اللغة السبئية هي الوحيدة التي جرى استخدامها في أسماء الأعلام في جنوب الجزيرة العربية، إذا كان أسم الشخص يحتوي على ضمير ملكية أو فعل متعدى إلى مفعولين، فهذه أشكال نحوية تختلف في اللغة السبئية عنها في اللغات المعنية والقتبانية والحضرمية.
وأضاف:" كذلك في ميدان العمارة فان الأعمدة المضلعة وتيجان الأعمدة ذات المقاطع المربعة والزخرفة بالحز والمضروسات أو زخرفة الواجهات بإفريز مطوق مصقول موشى في الوسط، فان الذخيرة الزخرفية والتصويرية تقدم أيضا مثالا جيدا للتأثير السبئي.
ويقول: انه ليس هناك ثمة شك بالنسبة لسكان جنوب الجزيرة العربية القدماء، وكذلك بالنسبة للممالك الحبشية الأولى كانت سبأ مصدر شرعية وفخر، ويجب التمييز بين فترتين في تاريخ مملكة سبأ، الأولى إستمرت من القرن الثامن حتى القرن الأول قبل الميلاد وطغى عليها إقتصاد " القوافل " الموجه صوب الأسواق الكبيرة في الشرق الأوسط، في حوض الفرات الأوسط، خلال القرنان الثامن والسابع، ثم في غزة في الفترة " الفارسية "، وأخيرا في البتراء إبان الفترة " الهيلينية".
دلائل وشواهد في القرآن
لقد ورد في القرآن ذكر سبأ (لَقَد كَانَ لِسَبَأ فِي مَسكَنِهِم آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزقِ رَبِّكُم وَاشكُرُوا لَهُ بَلدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)
وذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).
كانت مأرب هي عاصمة سبأ، وكانت غنية جداً، والفضل يعود إلى موقعها الجغرافي، كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، استغل السبئيون هذه الميزة وبنوا سداً في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم، وبدؤوا يمارسون الري والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار. لقد كانت مأرب العاصمة من أكثر المناطق إزدهاراً في ذلك الزمن. أشار الكاتب الإغريقي بليني ـ الذي زار المنطقة وأسهب في مدحها ـ وقال إنها أراضي واسعة وخضراء.



محرم بلقيس " معبد برآن "
تشير المصادر التاريخية والأثرية إلى أن معبد ( برآن) يعد المعبد الرئيسي للإله ( المقة ) إله الدولة السبئية، ويطلق العامة على أطلاله ( محرم بلقيس )، ويرجع تاريخ بناءه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، أي إلى زمن المكرب السبئي " ، الذي يدعى آل ذرح بن سمه علي " الذي قام بتسوير حائط المعبد.



وتمثلت هذه الأهمية بأنه كان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ، وكان لازماُ على الشعوب التي ضمت إلى الدولة السبئية زيارة معبد ( برآن ) وتقديم القرابين والنذور لإله المقة سيد ( برآن ) تعبيراً عن الخضوع والولاء للدولة السبئية.
وإضافة إلى ذلك كان معبد برآن من أشهر الأماكن التي يحج إليها اليمنيون وغير اليمنيين - وهو حج له شعائره وطقوسه الخاصة به - وكانت زيارات الحجيج تجرى في مواسم محددة من كل عام ، فقد كان هناك مواسم الحج الجماعي الذي يجري خلال شهر ( ذأبهي )، أما موسم الحج الفردي الذي يختلف شعائره وطقوسه عن الحج الجماعي، فقد كان يجري خلال شهر ( ذي هوبس ).



وظل معبد برآن مكاناً مقدساً تمارس فيه العبادات إلى بداية النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، ويبدو أن المعبد هجر بعد ذلك، وهو ما يتوافق مع ظهور العبادات ( إله السماء والأرض ) وعبادة الرحمن ( رحمنن ). وأصبح محرم بلقيس ومنطقة مأرب قبلة للسياح وموضوعا مهما للبحوث الأثرية، خاصة بعد ان أصبح أول المواقع الأثرية يجرى له عمليات التدعيم والصيانة يتم فتحه أمام السياحة. ولا يزال جزءاً كبيراً من الآثار اليمنية مطموراً تحت الأرض، حيث يعتقد علماء الآثار إن إزالة التراب عنها قد يعيد النظر في الحضارات القديمة. وقال الدكتور "بوركهارت فوكت " رئيس فريق المعهد الألماني للآثار الذي عمل الحفريات الأثرية في موقع المعبد خلال الفترة " 1988 ـ 1997 " ورئيس فريق التدعيم والصيانة " 1998 ـ 2000 " ، أن المعبد تطور في القرن التاسع قبل الميلاد من معبد بسيط إلى مجمع شامل يضم مرافق العبادة وورش العمل ومطبخ ومرافق صغيرة لأغراض الأعمال الاقتصادية.



ويضيف" فوكت" في تقرير نشر حديثا:" ان المعبد استخدم على مدى 1500 عام على الأقل وبشكل مستمر". وأشار إلى إن معبد آلهة المقة ـ معبد برآن أهم المقدسات التابعة لعاصمة السبئيين مأرب.
وقد عثر أثناء التنقيب على عشرات النقوش وعلى مجموعة من التماثيل، كما عثر أيضاً على عدة ألوان ومناضد حجرية مزخرفة.
وبحسب تقرير "فوكت " يحتل معبد ( برآن ) مكانة مميزة بين بقية معابد الإله المقة سواءً تلك المشيدة في مأرب ، أو تلك المنتشرة في أماكن بعيدة عن حاضرة الدولة السبئية كمعبد المقه في صرواح ، ومعبد " هيران " في عمران ، ومعبد " ميفعم " بالقرب من خمر وغيرها.







مدينة مأرب
تقع إلى الشرق من العاصمة صنعاء بمسافة ( 173 كم ) ، على ضفّة وادي أذنه الذي بني فيه سد مأرب التاريخي وأعيد بناؤه في ا لثمانينات، يحدها من الشمال محافظة الجوف وصحراء الربع الخالي ومن الغرب محافظة صنعاء ، ومن الجنوب محافظتي البيضاء وشبوة ، ومن الشرق محافظة شبوة وصحراء الربع الخالي .







تسمية هـذه المدينة قديم جداً تعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، فـقـد ذكـرت  فــي نقوش من القرن الثامن قبل الميلاد باللفظ ( م ر ي ب ) ، وفي بعض النقوش المتأخرة ظهر اسمها باللفظ ( م ر ب ) .












ويرجح أن التل الذي تقع عليه قرية مأرب اليوم هو مكان قصر سلحين الذي ذكره العلامة الحسن بن أحمد الهمداني قبل ألف عام، والذي ورد ذكره بالإسم نفسه في النقوش اليمنية القديمة .



وتفيد ‏الأبحاث ‏الأثرية ‏الحديثة أن ‏مأرب ‏العاصمة ‏لعبت دورًا ‏كبيرًا في ‏نشوء وإرتقاء ‏الحضارة ‏السبئية، فقد شهدت هذه الأراضي قيام واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة هي دولة سبأ التي بـدأت في الظهور في مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، وقد شهدت في القرون الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السـابع قبل الميلاد نشاطاً معمارياً واسعاً ، شيدت خلالها المدن والمعابد ، وأعظم منشآتها سد مأرب العظيم الذي وفر للدولة ومنحها صفة الاستقرار والآية الكريمة الدالة على تلك الحضارة قوله تعالى : " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية "  



سد مأرب
دلالته التاريخية تكمن في كونه أشــهر آثــار اليمـن وأعظم بناء هندسي قديم بشبة الجزيرة العربية ، كما تكمن في كونه معلـم ثابت لازم الحضارة السبئية منذ البداية مرورا بذروة الازدهار وحتى لحظات الانهيار ثم تصدع على إثرها.
تاريخ بنائه يعود إلى القرن الثامن ، وعلى الأرجح القرن السابع قبل الميلاد حيث ورد في نقش مثبت على مبنى المصرف الجنوبي للسد إسم المكرب " يثع أمر بين بن سمه علي " الذي أختط مدينة مأرب وأصبح أحد مكاربة القرن السابع قبل الميلاد.
مواصفاته تدل على عظمة السبئيين ، فقد بني في ضيقــة بين البلــق الشمالي والبلق الجنوبي على وادي ذنه كموقعاً طبيعياً يصلح لإقامة سد حيث تتسع منطقة التجمع في أعلى المضيق بحيث تبدو وكأنها حوض مثالي لاحتواء المياه ، ويبلغ طول جسم السد 720مترا وإرتفاعة حوالي 15 متراً ، أما السمك فيبلغ 60 متراً عند القاعدة ، وشيدت أساساته من الأحجار الضخمة وفوقهــا جــدار ترابي مغطــى بالحجــارة والحصى من الجانبين وعند طرفي السد يقع مصرفان " صدفان " للمياه تصرف الماء إلى قناتين رئيسيتين.
طريقة بناءه تشير إلى بعد هندسي فكري ، فقد شيد جدار السد من نقطة أساس الوادي على الصخر ( الأم ) بأحجار ضخمة ثم بعلوها جدار السد فوقها تدريجياً ، وتم نحت الصخور لمصرفين " صدفين" في الجهة الجنوبية على سفح جبل البلق الأوسط والجهة المقابلة على صخور جبل البلق الشمالي ثم استكمل بناؤهما على صخور الجبلين ليكونان قناتي توصيل كبيرتين شق أسفلهما من الصخر وشيد أعلاهما بواجهات سميكة من الحجارة الكبيرة المهندمة مربعة الأضلاع ، وتم تثبيت بعضها فوق بعض بتلاحم وترابط .
تَهدَّم السد وتعرض للتدمير أربع مرات بسبب تراكم الترسبات الطمثية في حوضه ، كانت آخرها في عهد إبرهة الحبشي سنة 552 ميلادية. والباقي حاليا من السد بعض معالم جداره ، ومباني الصدفين الشمالي والجنوبي ، إضافة إلى القناتين الرئيسيتين اللتين كانتا تربطان المصرفين بالجنتين ، ومقاسم المياه في الجنتين ـ الأراضي الزراعية الشمالية والجنوبية ـ ، وهي سدود تحويلية صغيرة تقسم المياه التي تصلها من القناتين الرئيسيتين.



ملوك سبأ
القحطانيون هم ملوك العرب قبل الإسلام بعد تبلبل الألسن وتفرق بني نوح أول من نزل اليمن قحطان بن عابر بن شالح وبه ينسب القحطانيون المذكور أول من ملك أرض اليمن ولبس التاج. ثم مات قحطان وملك بعده ابنه يعرب بن قحطان وهو أول من نطق بالعربية على ما ذكر. ثم ملك بعده إبنه يشحب بن يعرب. ثم ملك بعده إبنه عبد شمس بن يشجب ولما ملك أكثر الغزو في أقطار البلاد فسمي سبأ وهو الذي بنى السد بأرض مأرب وفجر إليه سبعين نهراً وساق إليه السيول من أمد بعيد وهو الذي بنى مدينة مأرب وعرفت بمدينة سبا وقيل أن مأرب لقب للملك الذي يلي اليمن وخلف سبأ المذكور عدة أولاد منهم: حمير وعمرو وكهلان وأشعر وغيرهم. ولما مات سبأ ملك اليمن خلفه بعده إبنه حمير بن سبأ ولما ملك أخرج ثمود من اليمن إلى الحجاز. ثم ملك بعده إبنه واثل بن حمير. ثم ملك بعده إبنه السكسك بن واثل. ثم ملك بعده يعفر بن السكسك. ثم وثب على ملك اليمن ذورياش وهو عامر بن باران بن عوف بن حمير. ثم نهض من بني واثل النعمان بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير واجتمع عليه الناس وطرد عامر بن باران عن الملك واستقل النعمان المذكور بملك يمن ولقب نعمان المذكور بالمعافر لقوله :
إِذا أنت عافرت الأمور بقدرة *** بلغت معالي الأقدمين المقاول
والمقاول: لفظة جمع وهم الذين يلون الجهات الكبار من اليمن. ثم ملك بعده إبنه أشمح بن نعمان المعافر . ثم ملك بعده شداد بن عاد بن ألماطاط بن سبأ واجتمع له الملك وغزا البلاد إلى أن بلغ أقصاها ثم ملك بعده أخوه لقمان بن عاد ثم ملك بعده أخوه ذو سدد بن عاد ثم ملك بعده إبنه الحارث بن ذي سدد ويقال له الحارث الرائش وقيل إن حارث الرائش المذكور هو إبن قيس بن صيفي بن سبأ الأصغر وهو تبع الأول. ثم ملك بعده إبنه ذو القرنين الصعب بن الرائش وقد نقل إبن سعيد أن إبن عباس سئل عن ذي القرنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز فقال: هو من حمير وهو الصعب المذكور فيكون ذو القرنين المذكور في الكتاب العزيز هو الصعب بن الرائش المذكور لا الإسكندر المقدوني . ثم ملك بعده إبنه ذو المنار أبرهه بن ذي القرنين. ثم ملك بعده إبنه أفريقس بن أبرهه ثم ملك بعده أخوه ذو الأذعار عمرو بن ذي المنار. ثم ملك بعده شرحبيل بن عمرو بن غالب بن المنتاب بن زيد بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير فإِن حمير كرهت ذا الأذعار فخلعت طاعته وقلدت الملك شرحبيل المذكور وجرى بين شرحبيل وذي الأذعار قتال شديد قتل فيه خلق كثير واستقل شرحبيل بالملك. ثم ملك بعده إبنه الهدهاد بن شرحبيل ثم ملكت بعده إبنته بلقيس بنت الهدهاد وبقيت في ملك اليمن عشرين سنة وتزوجها سليمان بن داود عليهما السلام ثم ملك بعدها عمها ناشر النعم بن شرحبيل وقيل إن ناشر النعم إسمه مالك بن عمرو بن يعفر بن عمرو من ولد المنتاب ثم ملك بعده شمر يرعش بن ناشر النعم المذكور وقيل شمر بن أفريقس بن أبرهه ذي المنار. ثم ملك بعده إبنه أبو مالك بن شمر ثم ملك بعده عمران بن عامر الأزدي وهو عمران بن عامر بن حارثة بن إمرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ. وانتقل الملك حينئذ من ولد حمير بن سبأ إلى ولد أخيه كهلان بن سبأ وكان عمران المذكور كاهناً. ثم ملك بعده أخوه مزيقيا عمرو بن عامر الأزدي وقيل له مزيقياء لأنه كان يلبس في كل يوم بدلة فإذا أراد الدخول إلى مجلسه رمى بها فمزقت لئلا يجد أحداً فيها ما يلبسه بعده. ومن تاريخ حمزة الأصفهاني إن الذي ملك بعد أبي مالك بن شمر المذكور قبل عمران الأزدي إبنه الأقرن بن أبي مالك ثم ملك بعده ذو حبشان بن الأقرن وهو الذي أوقع بطسم وجديس. ثم ملك بعده أخوه تبع بن الأقرن ثم ملك بعده إبنه كليكرب بن تبع ثم ملك بعده أبو كرب أسعد وهو تبع الأوسط وقتل. ثم ملك بعده إبنه حسان بن تبع وتتبع قتلة أبيه فقتلهم عن آخرهم ثم قتله أخوه عمرو بن تبع وملك بعده وتواترت الأسقام بعمرو المذكور حتى كان لا يمضي إلى الخلاء إلا محمولاً على نعش فسمي ذا الأعواد لذلك. ثم ملك بعده عبد كلال بن ذي الأعواد ثم ملك بعده تبع بن حسان بن كليكرب وهو تبع الأصغر. ثم ملك بعده إبن أخيه الحارث بن عمرو ثم ملك بعده مرثد بن كلال ثم تفرق بعده ملك حمير والذي أشتهر بعده أنه ملك وكيعة بن مرتد ثم ملك أبرهة بن الصباح ثم ملك صهبان بن محرث ثم ملك عمرو بن تبع ثم ملك بعده ذو شناتر ثم ملك بعده ذو نواس وكان من لا يترك النصرانية ألقاه في أخدود مضطرم ناراً فقيل له صاحب الأخدود. ثم ملك بعده ذوجدن وهو آخر ملوك حمير وكان مدة ملكهم على ما قيل ألفين وعشرين سنة وإنما لم نذكر مدة ما ملكه كل واحد منهم لعدم صحته ولذلك قال صاحب تواريخ الأمم: ليس في جميع التواريخ أسقم من تاريخ ملوك حمير لم يذكر فيه من كثرة عدد سنيهم مع قلة عدد ملوكهم.
وأهم قبائل سبأ الأزد وتفرقوا إلى عدد من القبائل هي : الأوس - الخزرج - غسان -خزاعة - الدواسر- البقوم - زهران - غامد - الحجر - بلقرن - بني شهر - بارق.



قوم سبأ وسيل العرم
قال تعالى في كتابه العزيز : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِم آيةٌ جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْناَهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 15-16).
يعتبر مجتمع سبأ واحداً من أكبر أربع حضارات عاشت في جنوبي الجزيرة العربية، ويعتقد أن هؤلاء القوم قد أسسوا مجتمعهم ما بين 1000-750 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والعرب.
بقي تاريخ نشوء حضارة سبأ موضع خلاف حتى الآن، فالسبئيون لم يشرعوا بكتابة تقاريرهم الحكومية حتى سنة 600 قبل الميلاد، لذلك لا يوجد أي سجلات سابقة لهذا التاريخ.


يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، في تلك السجلات يشير الملك الآشوري في سجلاته التي دون فيها الأمم التي كانت تدفع له الضرائب إلى ملك سبأ "إيت عمارا". هذا أقدم مصدر يشير إلى الحضارة السَّبئية، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد، لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ. ورد في نقوش أراد نانار، أحد ملوك مدينة أور المتأخرين، كلمة "سابوم" والتي تعني "مدينة سبأ" ، وإذا صح تفسير هذه الكلمة على أنها مدينة سبأ، فهذا يعني أن تاريخ سبأ يعود إلى 2500 قبل الميلاد.
تقول المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الحضارة : إنها كانت أشبه بالحضارة الفينيقية، أغلب نشاطاتها تجارية، لقد سيطر هؤلاء القوم على الطرق التجارية التي تمر عبر شمالي الجزيرة، كان على التجار السبئيين أن يأخذوا إذناً من الملك الآشوري سيرجون الثاني حاكم المنطقة التي تقع شمالي الجزيرة، إذا ما أرادوا أن يصلوا بتجارتهم إلى غزة والبحر المتوسط، أو أن يدفعوا له ضريبة على تجارتهم، وعندما بدأ هؤلاء التجار بدفع الضرائب للملك الآشوري دُوِّنَ اسمُهُم في السجلات السنوية لتلك المنطقة.



كان الجيش السبئي من أقوى جيوش ذلك الزمان، وقد ضمن لحكامه امتداداً توسعياً جيداً، فقد اجتاحت سبأ منطقة القتبيين، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية، وفي عام 24 قبل الميلاد وأثناء إحدى الحملات على المغرب، هزم الجيش السبئي جيش ماركوس إيليوس غالوس الروماني الذي كان يحكم مصر كجزء من الإمبراطورية الرومانية التي كانت أعظم قوة في ذلك الزمن دون منازع، يمكن تصوير سبأ على أنها كانت بلاداً معتدلة سياسياً، إلا أنها ما كانت لتتأخر في إستخدام القوة عند الضرورة.. لقد كانت سبأ بجيشها وحضارتها المتقدمة من " القوى العظيمة" في ذلك الزمان.


لقد ورد في القرآن ذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).
كانت مأرب هي عاصمة سبأ، وكانت غنية جداً، والفضل يعود إلى موقعها الجغرافي، كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، استغل السبئيون هذه الميزة وبنوا سداً في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم، وبدؤوا يمارسون الري والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار. لقد كانت مأرب العاصمة من أكثر المناطق ازدهاراً في ذلك الزمن. أشار الكاتب الإغريقي بليني ـ الذي زار المنطقة وأسهب في مدحها ـ إلى وقال أنها أراضي واسعة وخضراء.
لوح عليه بعض النقوش القديمة من بقايا قوم سبأ
نقوش مكتوبة بلغة أهل سبأ
بلغ ارتفاع سد مأرب 16 متراً وعرضه60 متراً وطوله 620 متراً، وهذا يعني حسابياً أنه يمكن أن يروي 9600 هكتاراً من الأراضي، منها 5300 في السهل الجنوبي، والباقي للسهل الشمالي، كان يشار إلى هذين السهلين في النقوش السبئية "مأرب والسهلان" و يشير التعبير الدقيق في القرآن: (جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ) إلى وجود حدائق وكروم في هذين الواديين أو السهلين، لقد أصبحت المنطقة أكثر مناطق اليمن غنىً وإنتاجاً بفضل السد ومياهه. أثبت الباحثان: الفرنسي ج. هوفلي والنمساوي غلاسر أن سد مأرب قد أوجد منذ زمن بعيد. وتروي الوثائق المكتوبة بلغة "حِمْـيَر" أن هذا السد قد جعل المنطقة في غاية الخصوبة والعطاء.
لقد تم إصلاح هذا السد خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد، إلا أن هذه الإصلاحات لم تمنع السد من الانهيار عام 542 للميلاد. انهار السد بسبب سَيل العَرِمِ الذي ذكره القرآن الكريم، والذي سَبَّبَ أضراراً بالغة، لقد هلكت كل البساتين والكروم والحدائق ـ التي بقي السبئيون يرعونها لعدة قرون ـ على بَكْرَةِ أبيها، بعد انهيار السد عانى السبئيون من فترة ركود طويلة لم تقم لهم قائمة بعدها... وهذه كانت نهاية القوم التي بدأت مع انهيار السد.
سيل العَرِم الذي أتى على سبأ
إذا ما تأملنا الآيات القرآنية على ضوء المعلومات التاريخية التي أتينا عليها، لوجدنا توافقاً كبيراً.
صور لبقايا سد مأرب القديم
تثبت كل من المكتشفات الجيولوجية والأثرية ما جاء في القرآن، فكما ذكر القرآن لقد استحق هؤلاء القوم ـ الذين لم يستمعوا لنصح رسولهم وكذبوا بالحق لما جاءهم ولم يؤمنوا به ـ العقاب بِسيلٍ عَرِمٍ، يصف القرآن الكريم هذا السيل في سورة سبأ:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ في مَسْكَنِهِمْ آيةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأرْسَلْنَا عَلَيْهِم سَيْلَ العَرِم وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ ) (سبأ: 15-17).
لقد كان السبئيون كما تدل الآية الكريمة يعيشون في منطقة مشهورة بجمالها، جنان وكروم، وكانت تقع على طرق التجارة، لقد كانت على مستوى متقدم جداً بالنسبة لغيرها من مدن ذلك الزمان.
كانت ظروف العيش في بلدة كهذه ممتازة، ولم يكن للقوم من جهد يبذلونه سوى ( كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ) كما تقول الآية، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، بل نسبوا ما يملكونه لأنفسهم، لقد ظنوا أنهم أصحاب هذه البلدة، وأنهم هم الذين أوجدوا مافيها من الرخاء والازدهار، اختاروا الغرور والتكبر على الشكر والتواضع لله، وكما تقول الآية: ( فَأَعْرَضُوا... ).
لأنهم نسبوا كل ما أنعم الله به عليهم لأنفسهم، وأصرُّوا أنه من صنعهم، خسروا كل شيء... لقد أهلك سيلُ العَرِم كلَّ ما صنعت أيديهم.
صور لبقايا سد مأرب القديم
يذكر القرآن أن العقاب الإلهي كان بإرسال (سَيْلَ العَرِمِ). وهذا التعبير القرآني يخبرنا كيف وقعت الواقعة، فكلمة "عَرِم" تعني الحاجز أو السد. يصف تعبير (سَيْلَ العَرِمِ ) السيل الذي جاء ليدمر هذا الحاجز، لقد حل المفسرون المسلمون موضوع الزمان والمكان على ضوء الألفاظ القرآنية التي وردت في وصف سيل العرم، يقول المودودي في تفسيره:
"كما استخدم في التعبير سيل العرم، فإن كلمة "عَرِم" مشتقة من كلمة "عريمين" المستخدمة في لهجة سكان جنوب الجزيرة، والتي تعني "السد، الحاجز"، وقد عثر على هذه الكلمة في أثناء الحفريات التي نفذت في جنوب اليمن باستعمالات كثيرة تفيد هذا المعنى، على سبيل المثال: استخدمت هذه الكلمة في الكتابات التي كانت تملى من قبل ملك اليمن الحبشي "أبرهة"، بعد تعمير وأصلاح سد مأرب في 542 و543 م لتعني السد "الحاجز" مرة أخرى. أذن فأن (سَيْلَ العَرِم) يعني "كارثة السيل التي حدثت بعد تحطم سد".
( وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 16). أي: إن البلدة بكاملها قد غرقت بعد انهيار السد بسبب السيل، لقد تحطمت جميع أقنية الري التي حفرها السبئيون، وكذلك الحائط الذي أنشؤوه ببنائهم حواجز بين الجبال، ولم يعد لنظام الري أي وجود، وهكذا تحولت الجنان إلى أدغال، ولم يبقَ من الثمار شيء، سوى ثمار تشبه الكرز وأشجار قصيرة كثيرة الجذور.
لقد أقر الكاتب وعالم الآثار المسيحي وورنر كيلر Werner Kellerصاحب كتاب "الكتاب المقدس كان صحيحاً" أن سيل العرم قد حدث كما ورد وصفه في القرآن الكريم، وأنه وقع في تلك المنطقة، وأن هلاك المنطقة بكاملها بسبب انهياره، إنما يبرهن على أن المثال الذي ورد في القرآن الكريم عن قوم الجنتين قد وقع فعلاً.
بعد وقوع كارثة السد، بدأت أراضي المنطقة بالتصحر، وفقد قوم سبأ أهم مصادر الدخل لديهم مع اختفاء أراضيهم الزراعية، وهكذا كانت عاقبة القوم الذين أعرضوا عن الله وترفعوا عن شكره، وتفرق القوم بعد هذه الكارثة، وبدأ السبئيون يهجرون أراضيهم مهاجرين إلى شمالي الجزيرة، مكة وسوريا.
يأتُي الحيز الزماني الذي شغلته هذه الكارثة بعد زمن العهد القديم والعهد الجديد، لذلك لم يرد ذكره إلا في القرآن الكريم.
تقف آثار مأرب المهجورة والتي كانت في يوم من الأيام موطناً للسبئيين، كآية من آيات العذاب تنذر أولئك الذين يكررون خطيئة القوم، لم يكن السبئيون هم القوم الوحيدين الذين أهلكهم السيل، ففي سورة الكهف يروي لنا القرآن الكريم قصة صاحب الجنتين، امتلك هذا الرجل جنتين خصبتين جميلتين تشبهان جنان قوم سبأ، إلا أنه ارتكب نفس خطيئتهم: أعرض عن الله، لقد ظن أن هذه النعمة من صنعه هو وهي له دون عن غيره:
(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعْلنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَم تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَراً * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلىَ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْها مُنقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَّكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي ولآ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَولآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسى رَبِّي أَن يَؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهيَ خَاويَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ برَبِّي أَحَداً * وَلَم تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً * هُنَالِكَ الوَلايَةُ للهِ الحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً ) (الكهف: 32-44) .
كما نفهم من الآيات لم يكن صاحب الجنة ناكراً لوجود الله، بل على العكس فهو يتصور أنه حتى لو عاد إلى ربه فسيجد خيراً من هذه الجنة، لقد عزا كل ما هو فيه من النعم لما حققه من أعمال ناجحة قام بها وحده.
من الواضح أن هذا يصب تماماً في منحى الشرك بالله: محاولة نسب كل ما يخص الله إلى غيره، وفقدان الخشية من الله مع الاعتقاد بأن هذا الشريك لديه إمتياز خاص، و "حظوة" عند الله.
وهذا ما فعله قوم سبأ، فكانت عاقبتهم أن غرقت بلادهم وجنانهم ليفهموا أنهم ليسوا أصحاب القوة، بل أنها نعمة أُسبغت عليهم فحسب...
أصبح السبئيون أصحاب أعظم حضارة قامت على الري بعد بنائهم سد مأرب بأحدث الوسائل التقنية، لقد سمحت لهم أرضهم الخصبة التي امتلكوها وسيطرتهم على الطرق التجارية، أن ينعموا بالرخاء والازدهار الذي طبع أسلوب حياتهم، ومع ذلك "أعرضوا عن الله" الذي يتوجب عليهم أن يكونوا ممتنين، شاكرين له ولأَنْعُمِه، لذلك انهار سدهم وأهلك "سيل العَرِم"كلَّ ما بنوه.
عاد اليوم السد السبئي المشهور مرة أخرى إلى ما كان عليه من إمكانات الري السابقة
يخبرنا القرآن الكريم أن ملكة سبأ وقومها كانوا "يعبدون الشمس مع الله" قبل أن تتّبع سليمان، وتوضح المعلومات التي تحملها هذه النقوش هذه الحقيقة، كما تشير إلى أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر في معابدهم والتي يظهر أحدها في الأعلى.




الأزد

الأزد أسود الله في الأرض
حديث شريف
الأزد ، قبيلة عربية تنتمي لكهلان من سبأ. من القحطانية ، هجروا اليمن بعد تصدع سد سبأ . أنقسموا إلى أزد شنوءة و أزد السراة و أزد عمان وأزد غسان.وتفرعوا الازد إلى قبائل عديدة مثل : قبائل زهران و الدواسر و غامد و قبيلة حوالة و البقوم و الأوس و الخزرج (الأنصار) ،و بـارق و ألمع و بلقرن و شمران ورجال الحجر وهم ( بني شهر و بني عمرو و باللحمر و باللسمر ) ، و خزاعة و الغساسنة و (لخم وهم المناذرة) .
وتنتسب قبائل الأزد جميعًا إلى الأزْد بن الغوث بن نَبْتٍ بن مالك بن زيد بن كَهْلان بن سبأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قحطان والأزد لقبه، واسمه دِراء بوزن (فِعَال)، والأزْد والأسْد لغتان، والأخيرة أفصح، إلا أن الأولى أكثر .
قال ابن دريد:"اشتقاق الأسْد من قولهم: أسِدَ الرجل يأسَدُ أسْدًا، إذا تشبّه بالأسد" .
وكان للأزد سبعة أولاد تفرعت عنهم جميع قبائل الأزد، وهم: مازن، ونصر، والهنو، وعبد اللَّه، وعمرو، وقُدار، والأهْيُوب .
الأزد بلغوا من المجد قمته، ومن الشرف ذروته، حفظ التاريخ ذكرهم ، ودون مجدهم ، فهم أصحاب الجنتين في مملكة سبأ، وهم سادة العرب وملوكها بعد نزوحهم من اليمن وتفرقهم في أرجاء الجزيرة العربية. وبعد البعثة النبوية كان لهم في الإسلام بادرة عظيمة ومنـزلة شريفة ، إذ هم أول القبائل العربية إيمانًا بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقا برسالته، فآووه في أرضهم، ونصروه بأموالهم وأنفسهم. وهم في الفتوحات الإسلامية أصحاب مواقف مشرفة في رفع راية التوحيد ونشر الإسلام في أصقاع الأرض، ثم كان منهم العلماء والشعراء الذين أثروا الثقـافة العربية والإسلامية. وعُرف الأزد بالفصاحة، فكانوا من أفصح الناس لسانًا، وأعذبهم بيانًا، اعتُمد على لغاتهم في أخذ اللسان العربي، وظهر أثرها الواضح في ألفاظ القرآن الكريم وقراءاته، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما أثر عنهم من أقوال وأشعار وأمثال. كما كانت لغاتهم من مصادر الاحتجاج اللغويّ والنحويّ عند علماء العربية وغيرهم.
قبائل الأزد
يذكر النسابون أن القبائل التي تنتسب إلى الأزد افترقت على نحو ست وعشرين قبيلة و هم الأوس و الخزرج و خزاعة و غامد و قبائل زهران و قبيلة حوالة و قبيلة البقوم و شمران رجال الحجر و هم بني شهر و بني عمرو بني الأحمر و بني الاسمر و الدواسر و جَفْنَة و غسّان و عسير الهول و مازن و بـارق و ألمع و بلقرن والعَتيك و راسب، و والِبَة، و ثُمَآلة، و لِهْب، و دُهمان، و الحدّان، و شَكْر، و عَكّ، و فَهْم، و الجَهاضم، و الأشاقر، و القَسامل. وهناك من يقسمهم على هذا الأساس . قال ياقوت : الأزد تنقسم إلى أربعة أقسام : أزد شنوءة ، وأزد السراة ، وأزد عمان ، غسان ، ولذلك قال كثير النجاشي :
فإني كذي رجلين رجل صحيحة *** وأخرى بها ريب من الحدثان
فأما التي صحت فأزد شنوءة *** وأما التي شّلت فأزد عمـان
أزد شنوءة
أزد شنوءة: وهم أبناء كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر ين الأزد ، وهم حاليًا قبائل زهران و غامد. كما ان الخليل أنشد:
فما أنتم بالأزد أزد شنوءة *** ولا من بني كعب بن عمرو بن عامر
وشنوءة بالهمز، وشنوّة بتشديد الواو من غير همز، من الشنآن، وهو التباغض، قال ابن دريد: "وبه سمي أبو هذا الحي من الأزد" .
وقال أبو عبيد: الشنوءة: الذي يتقزز من الشيء، وبه سمي أزد شنوءة .
وقال الخفاجي: سموا بهذا "لعلو نسبهم وحسن أفعالهم، من قولهم: رجل شنوءة، أي طاهر النسب ذو مروءة" .
وقال ياقوت: "شنوءة... مخلاف باليمن، بينها وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخًا، تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم: أزد شنوءة".
وقد اتفق المتقدمون على أنهم أبناء كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر، فهم : غامد وزهران ولهب وثمالة ، ويضاف إليهم بارق لمجاورتهم .
ولكن اختلف المتقدمون في معنى ( شنوءة ) :
1- فيقول ابن هشام : شنوءة هو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسد .
ويقول في معجم البلدان : هم بنو كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد .
2- ويقول في موضع آخر : وسارت قبائل نصر بن الأزد - ومنهم دوس زهران و غامد وبارق - نحو تهامة فأقاموا بها ، وشنؤوا قومهم .
3- ويقول في موضع ثالث : شنوءة : مخلاف باليمن بينها وبين صنعاء 43 فرسخًا ، تنسب إليها قبائل من الأزد يقال لهم أزد شنوءة .
4- وفي " عجالة النسب " : أزد شنوءة اسمه الحارث - وقيل عبد الله - ابن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد وهو الذي ولد هذه البطون والقبائل من غامد ودوس ونصر وماسخة وغيرهم .
وفي الاشتقاق : أم قصي بن كلاب هي فاطمة بنت سعد بن سيل من أزد شنوءة ، وسعد بن سيل من نصر بن زهران . ومنهم قبيلة الزرانيق والتي عاصمتها مدينة بيت الفقيه في تهامة اليمن ومن أشهر قبائل الزرانيق قبيلة القعابل والفواشق والمشايخ وغيرهم.
تفرق الأزد وخروجهم من مأرب
كانت مأرب وما حولها من أرض اليمن الموطن القديم للأزد، حيث كانوا يعيشون في رغد من العيش على ضفاف وادي سد مأرب الشهير، وقد وصف المسعودي أرضهم فقال: "كانت من أخصب أرض اليمن، وأثراها، وأغدقها، وأكثرها جنانًا وغيطانًا، وأفسحها مروجًا، مع بنيان حسن، وشجر مصفوف، ومساكب للماء متكاثفة، وأنهار وأزهار متفرقة" حتى قيل: إن المرأة كانت تخرج وعلى رأسها مكتل، وتسير بين الشجر، فيمتلئ من أنواع الفواكه من غير أن تمسها بيدها ولم يكن بأرضهم بعوض ولا ذباب ولا براغيث ولا عقارب ولا حيّات ولا هوام ، فكانت كما قال اللَّه تعالى:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ).
ولكنهم كفروا بأنعم اللَّه، وأعرضوا عن اتباع رسله، وعبدوا الشمس والكواكب ، فعاقبهم اللَّه بسيل العرم، فخرّب سدهم، وأتى على أموالهم وزروعهم وبيوتهم فدمرها، كما قال القرآن:
(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ).
وقد تفرقوا بعد خراب السّد في البلاد مزقًا، كما قال اللَّه عنهم:
(فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) .
وضرب العرب بتفرقهم الأمثال، فقالوا:
"تفرقوا أيدي سبأ، وذهبوا أيادي سبأ" .
تاريخ خروجهم
يرى أكثر المؤرخين أن نزوح الأزد عن مأرب كان قبيل انهيار السد بزمن قليل في عهد عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن نحو سنة 115 قبل الميلاد، على إثر علامات ظهرت لهم تنذر بخرابه. ومن المؤرخين من يرى أنهم نزحوا جميعًا عن مأرب في عهد عمرو المذكور بعد خراب السد، وغرق جناتهم، وذهاب أشجارهم، وإبدالهم خمطًا وأثلاً وشيئًا من سدر قليل . ويشكك الشيخ حمد الجاسر في تحديد رحيل الأزد من اليمن بخراب السد، فيقول: "وانتقال تلك القبائل - أو جلها - من اليمن أمر معقول ومقبول، ولكن كونها انتقلت إثر خراب السد أمر مشكوك فيه، ذلك أن المتقدمين يؤرخون حادثة الخراب بأنها في عصر الملك الفارسي دارا بن بهمن، ودارا هذا هو الذي غزاه الإسكندر الكبير في منتصف القرن الرابع قبل الميلاد، والأدلة التاريخية والنقوش التي عثر عليها في أمكنة كثيرة في جنوب الجزيرة وشمالها، وفي أمكنة أخرى خارجها، تدل على انتشار كثير من تلك القبائل التي ورد ذكرها خارج اليمن قبل سيل العرم، وليس من المعقول أيضًا أن تلك الرقعة الصغيرة من الأرض، وهي مأرب تتسع لعدد كبير من السكان يتكون من عدد من القبائل. والأمر الذي لا ريب فيه أن انتقال تلك القبائل كان في فترات متفرقة، وفي أزمان متباعـدة، فعندما تضيق البلاد بسكانها ينتقل قسم منهم بحثًا عن بلاد تلائم حياتهم" .
أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الأزد
عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الأزد أسد الله في الأرض ، يريد الناس أن يضعوهم ، ويأبى الله إلا أن يرفعهم ، وليأتين على الناس زمان ، يقول الرجل : يا ليت أبي كان أزديا ، يا ليت أمي كانت أزدية. " قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وروي هذا الحديث ، بهذا إلاسناد ، عن أنس ، موقوف ، وهو عندنا أصح . وقال الهيثمي : ورجال أحمد ثقات .
في القاموس أزد بن الغوث وبالسين أفصح أبو حي من قحطان ومن أولاده الأنصار كلهم .
" أسد الله" أي جنده وأنصار دينه قد أكرمهم الله بذلك فهم يضافون إليه " أن يضعوهم" أي يحقروهم ويذلوهم" ويأبى الله إلا أن يرفعهم"أي ينصرهم ويعزهم ويعليهم على أعداء دينهم قال القاضي : يريد بالأزد أزد شنوءة وهو حي من قحطان أولاد أزد بن الغوث بن ليث بن مالك بن كهلان بن سبأ وأضافهم إلى الله تعالى من حيث إنهم حزبه وأهل نصرة رسوله . قال الطيبي : قوله أزد الله يحتمل وجوها أحدها اشتهارهم بهذا الاسم لأنهم ثابتون في الحرب لا يفرون ، وعليه كلام القاضي . وثانيها أن تكون الإضافة للاختصاص والتشريف كبيت الله وناقة الله على ما يدل عليه قوله يريد الناس أن يضعوهم إلخ . وثالثها أن يراد بها الشفاعة والكلام على التشبيه ، أي الأسد أسد الله فجاء به إما مشاكلة أو قلب السين زايا انتهى . قال القاري بعد نقل كلام الطيبي هذا وتبعه صاحب الأزهار من شراح المصابيح ، لكن إنما يتم هذا لو كان الأسد بالفتح والسكون لغة في الأسد بفتحتين كما لا يخفى وهو ليس كذلك على ما يفهم من القاموس انتهى .
حدثنا زيد بن أبي الزرقا، بإسناد عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم القوم الأزد طيبة أفواههم فخرة أبدانهم تقية قلوبهم" .
حدثنا ‏ ‏إبراهيم بن يعقوب ‏ ‏وغير واحد ‏ ‏قالوا حدثنا ‏ ‏وهب بن جرير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبي ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عبد الله بن ملاذ ‏ ‏يحدث عن ‏ ‏نمير بن أوس ‏ ‏عن ‏ ‏مالك بن مسروح ‏ ‏عن ‏ ‏عامر بن أبي عامر الأشعري ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : (( ‏نعم الحي ‏ ‏الأسد ‏ ‏والأشعريون ‏ ‏لا يفرون في القتال ولا ‏ ‏يغلون ‏ ‏هم مني وأنا منهم )) .
قال صلى الله عليه وسلم : (( أتتكم الأزد أحسن الناس وجوها وأعذبها أفواها وأصدقها لقاء )) ‏طب - عن عبد الرحمن‏ ‏‏.‏
قال صلى الله عليه وسلم :(( الأزد مني وأنا منهم، أغضب لهم إذا غضبوا وأرضى لهم إذا رضوا‏)) ‏‏أبو نعيم، طب - عن بشر بن عصمة - ويقال‏:‏ ابن عطية - الليثي .‏
قال صلى الله عليه وسلم : (( مرحبا بالأزد أحسن الناس وجوها وأشجعهم قلوبا وأطيبهم أفواها وأعظمهم أمانة‏!‏ شعاركم يا مبرور‏ )) ‏عد عن ابن عباس‏ ‏‏.‏
قال صلى الله عليه وسلم : (( مرحبا بكم أحسن الناس وجوها وأصدقه لقاء وأطيبه كلاما وأعظمه أمانة‏!‏ أنتم مني وأنا منكم‏.‏ )) ‏ابن سعد - عن منير بن عبد الله الأزدي‏ .‏
قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ‏" الملك في ‏ ‏قريش ‏ ‏والقضاء في ‏ ‏الأنصار ‏ ‏والأذان في ‏ ‏الحبشة ‏ ‏والأمانة في ‏ ‏'الأزد'"
‏حدثنا ‏ ‏عبد القدوس بن محمد بن الحبحاب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن كثير العبدي البصري ‏ ‏حدثنا ‏ ‏مهدي بن ميمون ‏ ‏حدثني ‏ ‏غيلان بن جرير ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏يقول: " ‏إن لم نكن من ‏‏ الأزد ‏ ‏فلسنا من الناس "
حدثنا أحمد بن منيع حدثا يزيد بن هرون أخبرني أيوب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة : أن أعرابيا أهدى لرسول الله صلى الله عليه و سلم بكرة فعوضه منها ست بكرات فتسخطه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " إن فلانا أهدى إلي ناقة فعضوته منها ست بكرات فظل ساخطا ولقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أوأنصاري أو ثقفي أو دوسي " . والأنصار ودوس من الأزد .
وذكر أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يتحرى وقت طوافهم، ويدخل في جملتهم ، تبركا بدعائهم، وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر: "زاحموهم في الطواف، فإن الرحمة تنصب عليهم صبا" .
وصف لموسى عليه السلام:
قال عليه الصلاة والسلام: (... ثم أصعدني إلى السماء السادسة ، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى ، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ... )
سرعة دخولهم في الإسلام:
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حي من العرب يدعوهم إلى الإسلام فلم يقبلوا الكتاب ورجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال: (أما إني لو بعثت به إلى قوم بشط عمان من أزد شنوءة وأسلم لقبلوه) .
عن سويد بن الحارث الغامدي في وفد غامد وغامد جزء لا يتجزأ من بطون الأزد قال :
وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فلما دخلنا عليه وكلمناه فأعجبه مارأى من سمتنا ورينا فقال:  ما انتم؟
قلنا: مؤمنون,
فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال: (إن لكل قول حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟)
قلنا: خمس عشرة خصلة,
خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها, وخمس أمرتنا أن نعمل بها,
وخمس تخلقنا بها في الجاهلية فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئا,
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (مالخمسة التي امرتكم بها رسلي ان تؤمنوا بها؟).
قلنا: امرتنا ان نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت,
قال: (ومالخمسة التي امرتكم رسلي ان تعملوا بها؟)
قلنا: امرتنا ان نقول لا اله الا الله ... ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونصوم رمضان ونحج البيت من استطاع اليه سبيلا,
فقال: (ومالخمسة التي تخلقتم بها في الجاهلية؟)
قالوا: الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء والرضى بمُر القضاء والصدق في مواطن اللقاء وترك الشماتة بالاعداء.
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (حكماء علماء كادوا من فقههم ان يكونوا انبياء) ثم قال: ( وانا ازيدكم خمسا فيتم لكم عشرون خصلة ان كنتم كما تقولون فلا تجمعوا مالا تأكلون ولا تبنوا مالا تسكنون ولا تنافسوا في شيء انتم عنه غدا تزولون واتقوا الله الذي اليه ترجعون وعليه تعرضون وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون).
فانصرف القوم من عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحفظوا وصيته وعملوا بها.
وكان الوفد الوحيد من بين كل الوفود التي أتت للنبي صلى الله عليه وسلم الذي لاقى هذا المدح من الرسول الكريم .
مشاهير الأزد في الجاهلية
الملك عمرو بن عامر صاحب سد مأرب وهو جد قبيلة الدواسر الأول.
مالك بن فهم الأزدي , ملك عمان المشهور .
جَذِيمة الأبرش بن مالك بن فهم، أول من ملك العراق من العرب ، وأعظم ملوك العرب في الجاهلية .
منهم ملوك الحيرة.
الغساسنة , وهي سلالة ملكية مشهورة من الأزد وهم ملوك الشام .
حاجز بن عوف الأزدي
الشنفرى الحجري ، صاحب لامية العرب .
حازم البقمي و هو من نسل عامر بن حوالة بن الهنو بن الأزد و هو القابض على الصعلوك الشنفري .
الشاعر الجاهلي عبد الله بن سلمة الغامدي أحد شعراء المفضليات المخضرمين .
السموأل الأزدي وهو شاعر عربي مشهور في الجاهلية .
ربيعة بن مهرب الغامدي , أحد شعراء الجاهلية .
جواس بن حيان الأزدي , شاعر جاهلي .
لمس بن سعد البارقي الأزدي صاحب حلف الفضول.
قيس بن الخطيم الأزدي شاعر من صناديد العرب في الجاهلية وأشد رجالها.
عبد العزى بن مسروح بن جبير ، شاعر وفارس جاهلي وهو الذي هزم أحد كتائب ابرهة الحبشي أثناء مرورها من سراة الحجاز إلى مكة .
من صحابة الأزد
المهلب بن ابي صفرة ـ رضي الله عنه ـ ويعود نسبه إلى نسب قبيلة الدواسر ، وهو الصحابي الذي فتح بلاد شرق آسيا .
عبدالله بن حوالة الأزدي و هو من نسل حوالة بن الهنو بن الأزد و هو صاحب حديث لتكنن جند مجندة .
سلمة بن الأكوع الحوالي وهو من نسل حوالة بن الهنو بن الأزد وكان يسبق الخيل برجليه .
عمران بن حصين وهو من خزاعة .
أم المؤمنين جويرية بنت الحارث الخزاعيه .
أم معبد خير من وصف الرسول صلى الله عليه وسلم من خزاعة  .
معبد بن أكثم وهو من خزاعة .
الحارث بن الحارث الغامدي وهو من غامد .
مُدرك بن الحارث الغامدي وهو من غامد .
أبو هريرة وهو من دوس من زهران .
علقمة بن جنادة بن عبد الله الحجري أمير البحر المتوسط من رجال الحجر .
أم أبان وهي من دوس من زهران زوجة ذو النورين  .
أم شريك وهي من دوس من زهران زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم .
سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج .
صرد بن عبد الله الأزدي أمير الأزد في جرش من رجال الحجر .
عياض بن سعيد بن جبير بن عوف الحجري من رجال الحجر .
عبد الله بن رواحة وهو من الخزرج .
عبادة بن الصامت وهو من الخزرج .
أبو ظبيان الأعرج وهو من غامد .
عياض بن سفيان بن جبير بن عوف الحجري من رجال الحجر .
أسعد بن زرارة وهو من الخزرج .
أبو سعيد الخدري وهو من الخزرج .
معاذ بن جبل .
البراء بن مالك وهو من الخزرج .
أبو أيوب الأنصاري .
الحكم بن المغفل وهو من غامد .
جندب بن كعب وهو من غامد .
أبو الأزور الأحمري.
الحارث بن عبد الله وهو من دوس من زهران .
جندب بن عمرو وهو من دوس من زهران .
شعيب بن الحبحاب وهو من زهران
أسيد بن حضير وهو من سادة الأوس في الجاهلية .
البراء بن مالك وهو من الخزرج .
العباس بن قيس الحجري من رجال الحجر .
سفيان بن عوف وهو من غامد .
الطفيل بن عمرو من سادة دوس من زهران .
جندب بن زهير وهو من غامد .
مخنف بن سليم وهو من غامد وهو زعيم الأزد في الكوفة .
زهير بن سليم وهو من غامد .
عروة البارقي وهو من بارق .
عرفجة بن حرثمة البارقي وهو من بارق .
اهبان بن عياذ وهو من خزاعة وهو الذي كلمه الذئب .
بديل بن ورقاء وهو من خزاعة .
ذو الشمالين وهو من خزاعة .
علماء أزديون
المبرد العالم النحوي .
نعيم بن حماد شيخ البخاري .
العالم العربي الشهير جابر بن حيان.
الفلكي و عالم الرياضيات ابن البناء المراكشي .
إبن دريد.
الخليل بن أحمد الفراهيدي من قبيلة فراهيد أحد قبائل زهران .
إبن سلامة الطحاوي الحجري الأزدي الفقية صاحب العقيدة الطحاوية من رجال الحجر .
سعيد بن بشر العامري الحجري من رجال الحجر .
الإمام أحمد بن نصر الخزاعي.
محمد بن عبد الله الزهراني شيخ الامام النسائي.
عبد الغني بن سعيد العامري الحجري الإمام عبد الغني بن سعيد ، حافظ المصريين من رجال الحجر .
علي بن عبد الغني بن سعيد الحجري من رجال الحجر .
عالم العربية، واللغة، والحديث إبراهيم نِفْطَوَيْه العتكي الأزدي .

الدواسر







الدواسر قبيلة عربية صريحة النسب وهي تعد من أكبر القبائل في وسط وجنوب نجد وهي قبيلة عريقة ومشهورة، قاعدتها وادي الدواسر في نجد، كما هاجر أقسام كبيرة منها إلى العديد من بلدان نجد خاصة بلدان شمال نجد مثل المحمل وهو اقليم يضم عدد من البلدان أبرزها((ثادق والبير والصفرات والقرينة ودقله)) و سدير وبخاصة عودة سدير أكبر بلاد سدير قديماً والقصيم كما هاجر أقسام كبيرة منها نحو الدمام و الخبر و الكويت والإمارات والبحرين وقطر و العراق و الأردن و فلسطين .
معنى كلمة دواسر جاء في معاجم اللغة العربية أن معنى الدسر بتشديد الدال وفتحها وإسكان السين الطعن والدفع بقوة يقال دسره دسراً أي طعنه و دفعه وجاء الدسر الدفع الشديد قال إبن عباس رضي الله عنه ليس في العنبر زكاة إنما هو شي يدسره البحر دسراً أي يدفعه ويرمي به، ويقال دسره بالرمح. والجيش إذا بلغ إثنى عشر الفاً سمي الدوسر وهو قريب مما يسمى الفرقة في الاصطلاح العسكري الحديث ويقال لمن قاد الجيش إذا بلغ إثنى عشر الفاً قائد الدوسر وكان للنعمان بن المنذر كتيبة إسمها الدوسر، قال المثقب العبدي يمدح عمرو بن هند :
ضربت دوسر فيهم ضربة  **** أثبتت أوتاد ملك فاستقر .
نزوح زايد الملطوم
بعد حادثة سد مأرب نزح عمرو بن عامر الملطوم (الشهير بلقب الملطوم) وذريته وقومه إلى عدة أماكن في السراة والحجاز وشمال الجزيرة العربية وعمان ثم وفي وقت متأخر نزح زايد جد الدواسر (الملقب بالملطوم) إما على لقب جده الأول عمرو بن عامر أو أن يكون حصل له حادثة لطم أخرى إلى وادي الدواسر الذي سمي بإسمهم وسكن الوادي وذريته آل زايد الدواسر.
ديار الدواسر
كانت بلاد الدواسر عند ظهور الإسلام من منازل بني جرم من قضاعة، فكان الوادي يعرف بعقيق جرم فامتدت فروع من قبيلة عقيل بن عامر من قيس عيلان من عدنان, فزاحمت جرماً في بلادها فعرف الوادي، أيضاً بعقيق بني عقيل ،وفي عصور مجهولة في العهد الإسلامي نزحت فروع من الأزد ومن همدان فحلت في الوادي منها من همدان من مرهبة ومن الأزد الدواسر ،كانت منازلهم في القدم حول سد مأرب مع قومهم الأزد ثم إنتقلوا منها قبل إنهيار السد مع الأزد يقودهم ملكهم وجدهم عمرو الملطوم بن عامر فنزل بنو الأسد بن عمران بلاد السراة كما حكاه الهمداني في صفة جزيرة العرب وفي القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري تقريبا نزل بنو الأسد بن عمران وفرعها العتيك وحفة القهر وحصل بينهم وبين بني نهد القضاعيين حروب.
وادي الدواسر
يشكل الدواسر الغالبية العظمى من سكان واديهم المسمى وادي الدواسر وما جاوره مثل السليل والخرج والأفلاج ولهم الإمارة عليها كذلك خريص وماحولها من ديار ومراعي وبلدان وأجزاء من الربع الخالي وتعتبر هذه البلدان من ديار الدواسر الخالصة لهم لاينازعهم فيها أحد وتعتبر هذه البلدان أبرز بلاد الدواسر . و وادي الدواسر هو المعروف قديماً بعقيق بني عقيل و عقيق تمرة، وأقدم ذكر له بإسم وادي الدواسر يأتي من القرن الخامس عشر الميلادي في ذكر غارة لحاكم الأحساء زامل بن جبر على الدواسر في واديهم بعد معركة له معهم في نواحي الخرج. وتذكر التواريخ النجدية 43 وقعة للدواسر مع جميع قبائل نجد بين القرنين التاسع والثاني عشر الهجريين. وكان إستيلاؤهم على الأفلاج متأخراً نسبياً، ويرى المؤرخون أن قدومهم بسبب وقعة الهدار التي إستنجد فيها الغررة من قبيلة جميلة (أهل الأفلاج) بالدواسر أهل الوادي مقابل إستيطان الدواسر بلاد العتوب وقد نزح بعدها العتوب، أسلاف آل صباح وآل خليفة، إلى ساحل الخليج حوالي عام 1100 هـ (1689 م) وقد كان الدواسر في الوادي والأفلاج من البادية إلا أنهم يملكون المزارع في تلك البلدان. يقول عبد الله بن خميس: "و قبيلة الدواسر من القبائل البدوية يتتبعون مساقط الغيث ومراعي الماشية ويقطنون المناهل في القيظ ويملكون الأبل والخيل والماشية ويعطون البداوة حقها وحاضرة من ناحية أخرى لهم النخيل الهائلة الكثيرة والمدن والمزارع والبث والحرث." وقد نزح العديد من الدواسر من وادي الدواسر إلى العديد من البلدان وأبرز من نزح من الدواسر فخذ ((البدارين ))والبدارين هم ذرية بدران بن سالم بن زايد وزمنه مستهل القرن السادس الهجري على الأرجح وذلك إعتماداً على تسلسل نسب الشيخ محمد بن عبد الله بن سلطان قاضي بلدة المجمعة والمتوفى عام 1099هـ الذي يعتبر أقدم ما دون في انساب البدارين.
أفخاذ وأقسام عوائل الدواسر
آل زايد : آل زايد وهم ذرية عمرو بن عامر الملطوم صاحب سد مأرب ونسبه عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد وأولاد عمرو بن عامر هم جفنة وهم الغساسنة ملوك الشام و ثُعلبة جد الأوس والخزرج أنصار الرسول صلى الله عليه وسلم و كعب و عوف و وادعة ومالك و أبو الحارثة و حارثة و ذهل و عمران ومن عمران بن عمرو بن عامر الأسد بن عمران اما أولاد زايد هم سالم وصهيب
الصهبة آل صهيب بن زايد وهم :- آل جري وهم المساعرة و آل بريك  وآل غياث وهم الغييثات  آل حسن وهم الفرجان و آل عمار والشكره ومنهم الصخابره والهوامله والمقابله والهواشله وغيرهم.
آل عيسى وهم الشرافا والعويضات وآل عايش عيال موسى وهم الحراجين ومنهم آل ملحم.
آل سالم بن زايد:-
البدارين 
الوداعين
الرجبان
المخاريم
التغالبة : وهم خمس بطون وهي :
1-العمور 2-الخييلات 3-الحقبان 4-المشاوية 5-المصارير.
جميلة وهم من بني تغلب : وهم الغررة و آل عرفج و الكبرا والنتيفات
آل جعيد من همدان
بلدان  الدواسر
جلاجل -الربيعية ( القصيم ) -بريدة -العمارية -الريـاض -ثادق والمحمل -الغاط -حرمة -الشماسيه -المذنب -المربع -حويلان -الزلفي -وثيلان -الخرفه -الرزيقية -مروان -سويدان -الروضة -عودة سدير-الصفرات-دقله-القرينة-الدواسر في عمان وباقي دول الخليج -الدواسر في العراق وليبيا -الدواسر في الاردن وفلسطين ( عائلة البدارين الموجودة في بلدة السموع ).
نزوح بعض الدواسر
البدارين :
وتعتبر هجرتهم من الوادي هي أقدم هجرة للدواسر من الوادي بشكل جماعي وكانت تقريبا في القرن التاسع الهجري وأما عن سبب الهجرة؛ فكانت بعد الذبحه التي حصلت بين عامر بن بدران وبين آل زايد وهم ال سالم وال صهيب وال منيع بن سالم وكانت الغلبه لآل عامر ومن معهم فحكم عامر بن بدران على قومه بالرحيل وترك البلاد لاولاد ودعان بن سالم واولاد منيع بن سالم وال صهيب دية لهم وجبران لايتامهم وحتى لا تكون الحرب بينهم مستمره مع بقية القبائل فيضعفون وتتغلب عليهم تلك القبائل)  .
نزحت أسر كثيرة من الدواسر من غير البدارين ف شمالاً في نجد مثل ((الوداعين)) الذين أسسوا ((عودة سدير)) ولهم الإمارة عليها والشماسية في القصيم ولهم الإمارة عليها ويشكلون الغالبية من أهل هذه البلدان  .
كما نزح قسم من الدواسر إلى ساحل الخليج العربي أوائل القرن التاسع عشر بعد أن اشتركوا في معركة مناخ الرضيمة ضد بني خالد، ثم انتقلوا إلى البحرين حوالي عام 1845 م، وهناك اصطدموا بأهلها وبالبريطانيين فعاد الكثير منهم إلى الساحل سنة 1923 وأسس الدواسر هناك مدينتي الخبر والدمام مع الهولة، وما زال أحد أحياء الدمام القديمة مسمّى باسمهم اليوم ((حي الدواسر))
كما نزح بعض الدواسر في تلك الفترة إلى بر فارس واستوطنوا هناك. وقد إعتمدت محكمة العدل الدولية في لاهاي على سكنى الدواسر قديماً لجزر حوار قرب قطر عندما أقرّت سيادة البحرين على تلك الجزر عام 2001







0 التعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بجميع وجهات النظر
فلا تبخلوا بتعليقاتكم